أجفان الشقبان رحلة في عوالم الألم والحنين في شعر مرشدة جاويش / بقلم: ذ. خلف إبراهيم / سوريا



البداية
تُعتبر الشاعرة مرشدة جاويش من أبرز الأصوات الشعرية المعاصرة، حيث تجسد في قصائدها عمق المشاعر الإنسانية وتجارب الحياة المتنوعة. في هذا النص، نتناول قصيدتها (أجفان الشقبان)، التي تعكس حالة من الوجع والحنين، وتعبر عن الصراع الداخلي الذي يعيشه الإنسان في مواجهة التحديات.

الموضوع والمضمون
تتناول القصيدة موضوعات الحزن والفقد، حيث تعكس التجربة الإنسانية في مواجهة الألم. تعبيرات الشاعرة تبرز مشاعر الشوق والذكريات التي تؤثر على الحالة النفسية للذات الشاعرة، مما يخلق جوًا من التوتر العاطفي. في النص، يتم استحضار ذكريات مؤلمة تعكس الفقد الذي تعاني منه الذات، وتُظهر كيف يمكن أن تؤثر هذه الذكريات على الحاضر.

الأسلوب
اللغة الشعرية
تتميز اللغة المستخدمة في النص بالعمق والرمزية، حيث تستخدم الشاعرة تعبيرات دقيقة مثل (أحلام المرارة) و(دموع قصيدتي) لتجسيد المشاعر المعقدة. تعكس هذه اللغة القدرة على التعبير عن مشاعر عميقة ومعقدة بألفاظ بسيطة ولكن مؤثرة.

الاستعارات والتشبيهات
النص غني بالاستعارات، مثل “مملكة الحصار”، التي تعبر عن قيود الحياة وضغوطها. كما أن استخدام التشبيهات، مثل المقارنة بين النجوم والوشق، يضفي عمقًا على الصور الشعرية، مما يدعو القارئ للتأمل في المعاني الكامنة وراء الكلمات.

الأفكار الرئيسية
الحنين والفقد
تتكرر مشاعر الحنين إلى الماضي، حيث تستحضر الشاعرة ذكريات مؤلمة تعكس الفقد الذي تعاني منه. تظهر هذه المشاعر بشكل مكثف، مما يجعل القارئ يشعر بعمق التجربة الإنسانية.

الصراع الداخلي
يتجلى الصراع بين الرغبة في الهروب من الواقع المؤلم والرغبة في مواجهة الألم. تتفاعل هذه المشاعر بشكل متداخل، مما يعكس عمق التجربة الإنسانية. القارئ يتمكن من التعاطف مع الشاعرة، حيث يشعر بالألم الذي تعبر عنه.

الوجود والعدم
يتناول النص موضوعات الوجود والعدم، حيث تسلط الشاعرة الضوء على حياة مليئة بالتحديات، بينما تستمر في البحث عن الأمل في وجه الفقد. تعكس الأبيات كيف يمكن أن يكون الأمل موجودًا حتى في أحلك اللحظات.

البنية والتكوين
التكرار
تكرار بعض العبارات يعزز الإحساس بالحنين ويخلق إيقاعًا شعريًا يجذب القارئ. هذا التكرار يعكس أيضًا الحالة النفسية المتوترة التي تعيشها الشاعرة، مما يضيف عمقًا إلى النص.

التداخل الزمني
يتنقل النص بين الأزمنة، حيث يستحضر الماضي في سياق الحاضر، مما يعكس تأثير الذكريات على النفس ويعزز من عمق التجربة. هذا التداخل يجعل القارئ يشعر بأن الزمن ليس خطيًا، بل متداخل ومترابط.

الرمز والدلالة
الماء
يمثل الماء رمزًا للحياة والنقاء، لكنه قد يرمز أيضًا إلى الألم والضعف. تعكس الشاعرة الصراع بين الرغبة في الحياة والتوجه نحو الفقد، مما يجعل الماء رمزًا معقدًا يتطلب تأملًا.

الجراح والشفاء
تبرز الرموز مثل الجراح كدليل على المعاناة، بينما يمثل الشفاء البحث عن الأمل. هذا الصراع يمثل تجربة إنسانية شائعة، حيث يسعى الفرد دائمًا للشفاء والتعافي.

الصورة الكلية
الصور الشعرية
النص مليء بالصور الشعرية المؤثرة، مثل “شجر الشغاف ممزق” و “ليل ينفض شعره المنفوش”. هذه الصور تجعل القارئ يشعر بالمعاناة والحنين، وتساهم في بناء المشهد الشعري.

الدرامية
تبرز الدرامية في النص من خلال تداخل المشاعر القوية، مما يجعل القارئ يتفاعل مع النص بشكل عاطفي. الشاعرة تخلق حالة من الإحساس العميق والارتباط بالمشاعر الإنسانية.

الخاتمة
(أجفان الشقبان) هي تجربة شعرية تعكس عمق المشاعر الإنسانية وتجربة الحياة. من خلال استخدام اللغة الشعرية الغنية، والصور الجمالية، والاستعارات القوية، تتمكن مرشدة جاويش من نقل تجربة الفقد والحنين بكل تفاصيلها. النص يدعو القارئ للتأمل في مشاعره الخاصة، مما يجعله تجربة إنسانية مشتركة تتجاوز الحدود الثقافية والزمانية.
نشكر الأديبة الدكتورة مرشدة جاويش على إبداعها الشعري الذي يلهم الأجيال ويعكس عمق التجربة الإنسانية. إن كلماتها تلامس القلوب وتدعو للتأمل في مشاعرنا الخاصة، مما يجعل من شعرها مصدر إلهام دائم.

ذ. خلف إبراهيم / سوريا


النص
أَجْفان الشّقْبان
مِمّا تحدّرَ مّن غرابيل اللْهَفةِ المِجْداب
بأحْلامِ المَرارَة
أُطْلِقُ في دُموعِ قَصِيْدتي
وفَمِ الفراشِ غِوايَتي
وأَلَمُّ شَهْقَةَ نازفٍ
مِنْ وُجُومِ أجْفانِ
الشّقْبان
وَنَجِيْعِ الحُلْم المُشاغِب يَحْتَفي
مِمّا تَجوْد بْثُقله
تِيْجان مَمْلَكَة الحِصَار
يا شاطِئ الآلامِ
سَوْسَنة الصَباح
تُشارِكُ الذِئْبانَ أَوْهَامَ العَسَسْ
شَجُرُ الشغافِ مُمَزَقٌ
يَتْلو صَلاةَ الغائِبِيْن على الوَرَقْ
واللَيْلُ يَنْفُض شعرَه المَنْفوش
بالعَتْمِ المُتَوَجِ بالغَلَسْ
مَمْشُوْقَة تِلك النُجُوم الهارِبات
كَما الوَشَقْ
بِأَظافرِ الضَوْءِ المُثَلّجِ
يجرحُ القَلْب المُحَنّطُ فيْ بَراكيْنِ الحَرِيرْ
وَيَثوْرُ حَدَّ تَراشُقِ الآهاتِ
بالمَعْنى الوَثِيْر
حِبْرٌ يَجُرُّ إليّ قافِلة الخَواء
مُتَسَكّعٌ بَيْنَ المَجاز وَبَيْنَ صالوْن الرَجاء
يَنْدَاحُ مِنْ عَيْنَيْه
رَغْبَةُ عاشِقٍ بِالإنْكِفاء
فيْ حَضْرَة الماءِ المُزاح بِمَوْجه
عنْ سفر ماءْ
يَتَهَجّدُ المَطَرُ الرَخِيّ
بنُوْرِ مِشْكاةِ الخُشُوع
وَيَدوْر كالدَرْويْشِ فيْ حمّى اختِلاجاتي
وفيْ رِئَةِ الشَجَر
جارٍ إلى أحْلامِه القُصْوى
يُحَنّطُ فيْ أديْمِ الغَيْمِ
أَعْناق الصُوَر
كُلُّ المَحابِر عابِرهْ أوْ ناكِرهْ
مَرّتْ كَضحْكَة راهِبٍ مِنْ حُلْمه
خَرَجَتْ وعادت فيْ مُعادَلة الطَلَلْ
وانْحِسارِ النَغْمَة الجَذْلى
لِشحْرورٍ تَعَلَل
فاتَهُ عُشُّ الأَمَلْ
وَأنا التيْ عَشِقْتُ تُراب
النارِ عُشْب المِلْح
ذاكِرَةَ الوَجَعْ
تِلكَ التي مُذْ حَالَفَتْها الرِيْحُ
أمْتَشِقُ القَلَقْ

ذة. مرشدة جاويش / سوريا



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *