أن تربي امرأة العقارب فهذا من صور التحليق في فضاء مقاومة الفقر والجوع، فالمرأة قد تربي الدجاج والماعز وباقي الحيوانات والطيور، لكن تربية العقارب مهنة غريبة، قد تغسل المرأة بواسطتها حاجتها الاقتصادية وأيضاً في المقابل تنشر انوثتها وقوتها ووجودها على عناوين المستحيل.
قامت “كوثر السماني” وهي امرأة سودانية بتربية العقارب بعد أن التقت برجل صيني أقنعها بأن تربية العقارب ستدر عليها اموالاً، وفعلاً أسست شركة للاستيراد والتصدير، فهي تريد اعالة اسرتها، بدلاً من البقاء في البيت تحت رحمة الفقر والتسول، فهي تخرج صباحاً الى الجحور في المناطق المهجورة والبعيدة، تسلط الضوء الأزرق داخل الجحر، أو بين الصخور، وتقوم بالتقاط العقارب وتضعها في أواني بلاستيكية، وعند عودتها الى البيت تضع العقارب في وعاء زجاجي وتغلقه، ومع الوقت تقوم العقرب بوضع حوالي المائة مولود، فيتم تصديرها بعد ذلك الى الصين، مع العلم كيلو العقرب 55 دولار، وكوثر تقوم بشحن حوالي مائة كيلو ما يعادل ثلاثمائة الف عقرب، والعقارب مطلوبة حيه أو ميتة، للمختبرات الطبية وايضاً للأطعمة، حيث تعد وجبة فاخرة في الصين، وقد شحنت حتى اليوم ثلاث شحنات.
ليست الصورة الغريبة التي رأيتها للمربية كوثر السماني وهي تنظر الى العقارب بحب وابتسامتها مفروشة على الوجه، فقد كانت تتعامل بروح وحنان الأم، لكن الأغرب أن تقوم قيامة الحكومة بمطاردتها، فهي تقوم بتربية الممنوع، ويجب أن تدفع الضرائب المستحقة على كل كيلو عقرب 100 دولار، وادخلوا كوثر في متاهات الحجوزات والرفض والممنوع، وفرضوا عليها العقاب.
المضحك عندما كانت فقيرة لم تجد من يمد لها يد العون والمساعدة، واعترفت أنها كانت تعيش هي واطفالها على الفتات والتسول، والحكومة السودانية لم توفر للنساء العمل والبطالة تسحق بخطواتها الأجساد النحيلة، والوضع الاقتصادي يزداد صعوبة، والقرارات الحكومية تنزل على رأس المواطن السوداني كشفرات الحلاقة الحادة، حيث تجرح وتؤذي وتسيل الدماء بدلاً من حلاقة وجه الانسان وتجميله.
حكاية المرأة “كوثر” هي حكاية المرأة والرجل معاً في مجتمعات لا توفر الحياة الكريمة للإنسان، لا توفر العدالة الاجتماعية، لذلك يقومون باللجوء الى البحث في الجحور وبين الصخور والهرب من أوطانهم.