قراءة في ديوان “محال نكون انا؟” للشاعر عز الدين الشدادي / بقلم: ذ. مجد الدين سعودي / المغرب



الديوان الزجلي (محال نكون أنا؟) للشاعر عزالدين الشدادي:

دهشة الكينونة والذات والآخر والحب ومتاهات الشك والحيرة

القسم الأول


استهلال
عزالدين الشدادي شاعر مبدع…
يغترف من الفلسفة ويبني مشروعه الزجلي عن طريق السؤال واستفزاز المتلقي.. ولقد أتى كما يقول ادريس مسناوي في تقديمه للديوان (من مدارس فلسفية: شكية ديكارت، وجودية هيديجر وسارتر، عقلانية كانط، بسيكولوجية فرويد، ومن موروث ثقافي شعبي انساني (بنيات مسكوكة، أمثال مغربية، عيطة، أسطورة، تاريخ، فكر…. الصفحة 5)


في السيرة الذاتية
عزالدين الشدادي
من مواليد مدينة اليوسفية (الويجانطي)
أستاذ فلسفة بالسلك الثانوي التأهيلي بثانوية الخوارزمي التقنية آسفي
عضو الجمعية المغربية لمدرسي الفلسفة
مشرف على ركن الكتابة بالموقع العربي -أرابينو كوم-


الملتقيات والمشاركات:
المهرجان الوطني الرابع للزجل ببركان
ملتقى الإبداع الثامن باليوسفية
مهرجان تادرة للزجل بقصبة تادلة
المهرجان الدولي والوطني للزجل بأزمور
معرض الزجل بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالقنيطرة


الإصدارات:
محال نكون أنا؟ مطبعة ووراقة بلال، فاس (الطبعة الأولى 2017)
نقطة من سكات، مطبعة ووراقة بلال، فاس (الطبعة الأولى 2019)


في الاصدار
صدر للشاعر المغربي عزالدين الشدادي ديوان زجل تحت عنوان (محال نكون أنا؟) سنة 2017، ويضم 6 قصائد وهي:

  • محال نكون أنا؟
  • فوق الجهد
  • متاهة
  • لبلاد
  • قلب واحد
  • خيتي يا خيتي


وديوان (محال نكون أنا؟) هو ديوان حداثي بامتياز، ينطلق من الوجودية والتشكيكية والغيرية بأسلوب فلسفي يستفز المتلقي بتيماته المتعددة التي تغوص في عدة قضايا والبحث عن مستقبل آخر للانسان..
يقول عزالدين الشدادي عن ديوانه (محال نكون أنا؟):
(يندرج الديوان ضمن مشروع كتابة عالمة وواعية، تنظر إلى الزجل كلغة ومعنى وحرف مهذب وخلاق، وعملي الأول أي (محال نكون أنا؟) كان تجربة وجودية ملأى بالتساؤلات الماهوية حول الذات والأنا والآخر، وكذا مرورا بعدة تيمات كالحب والغيرية والكينونة، وكان عملا أوليا لي من حيث الطبع والتأليف، لذا يمكنني وصف هذا العمل بالدهشة الأولى.)


في العنوان
يقول الأستاذ سعيد حفياني: ((تركب العنوان من 3 كلمات: (محال) التشكيكية، وكلمة (شكون) المرتبطة بالوجودية التي اعتمدت الكينونة والذات، اضافة الى (أنا) التي تحيل على الشخص… من حيث هو ذات عاقلة واعية بوجودها، كما تحيل على المكون النفسي…
وباعتبار العنوان خطابا مفكرا فيه…فقد جاء مثقلا بالدلالات والايحاءات الرمزية، محمولا بسخرية مبطنة…))


في الإهداء
إهداء بطعم الاعتراف بالجميع (الوالد والوالدة والعائلة وادريس أمغار مسناوي وتوفيق لبيض والتلاميذ والأصدقاء والمستقبليين)…
ويلخص لنا هذا الاهداء الجميل ادريس أمغار مسناوي قائلا: (الاهداء اللي جا بقلب مفتوح ل:
روح غايبه، ولأكبر سن ف محيطه العائلي والاجتماعي حتى لأصغرسن وزجالنا ما نساش يفكر حتى في الجايين لهذ الوجود في حياته، وهذي وحدها سابقة ف تاريخ العتبات…. الصفحة 9).



في اللغة والمتن
جاءت نصوص ديوان (محال نكون أنا؟) قوية وبلغة تلغرافية كأن الزجال عزالدين الشدادي يتعمد التركيز في الكتابة ايمانا بالمثل (ما قل ودل)، ولكنها لغة عميقة، وفي هذا السياق يقول ادريس مسناوي: (لغة عزالدين الشدادي هي لغة مفتوحة ومتفتحة، من ثمه كانت مبدعة… الصفحة 10).
ويواصل ادريس مسناوي ابحاره في لغة عزالدين الشدادي قائلا: ((يمكن نقول أن لغة الزجال عزالدين الشدادي هي (لغة تاتفكر، والفكر مع الشعر شقيقان) حسب مارتن هيدغر. اللغة عند زجالنا هي ذات مفكرة، تايقول الشاعر والناقد الفرنسي بول فالير، اللي تايشوف (أن اللغة، بمعنى من المعاني، تفكر أكثر من الفكرة نفسها… الصفحة 11)).


في التطلع للحداثة والمستقبل
يقول عزالدين الشدادي: (انني أسعى أن أكتب الزجل فلسفة أو أن أحول الفلسفة إلى زجل، أن أنتقل من لغة أو لهجة مباشرة وعفوية إلى لغة مهذبة وواعية، وأن أجعل من نصوصي متونا وإيقاعات وأنساق وشذرات تقرأ روحا وعقلا.)
ويعلق الأستاذ ادريس مسناوي في تقديمه قائلا: (قصائد تاتغرف من ثقافة متفتحة وتاتروى من حس شعري مشرق، يمكن نصنف جل قصائد الديوان ضمن ما يسمى بالكتابة العالمة أو المثاقفة اللي استفدت من المعرفة الكونية برؤية حداثية واعية بمسارها الفني… الصفحة 5).
ويواصل شيخ الزجالين المغاربة قائلا: (الزجال عزالدين الشدادي جانا معانق الحداثة بحب، معتمد على آليات اشتغال تاتساير رؤيته، منها تخصيب معجمه بألفاظ مشحونة بطاقة شعرية حية… الصفحة 6).

*******

القسم الثاني

1. قصيدة (محال نكون أنا؟): التشكيكية بطعم السخرية الهادفة
كتابات عزالدين الشدادي تعتمد على التشكيك في الوجود للوصول الى هذا الوجود نفسه، فالتساؤل وسيلة للمعرفة، وينطلق زجالنا من السرد:

(البارح
وقف علي راسي
تهجيت حروفو
ما عرفتوش
طاح لي القلب
ف الركابي
طار لي اللسان
ف العقل
تحبس لي الدم … الصفحة 13)

ثم يتساءل:
(واش أنا راسي
وما عرفتنيش … الصفحة 14)

ولتأكيد هويته:
(عيطت على الكناش
المكتوبة على وجهو
الحالة المدنية
لقيت سميتي
هي هي
حققت في كنيتي
لقيتها هي هي … الصفحة 15)

لكن:
(شفت صورتي
ما لقيتنيش
واقيلا
أنا ما كاينش
واقيلا
أنا غ كذوب … الصفحة 15)

ثم يواصل زجالنا سرد حكاية (الأنا) الوجودية قائلا:
(قلبت لوراق
ورقة ورقة
لقيتني مكتوب
بخط عريض
لقيتني
عندي يوم
وعندي شهر
وما عنديش عمر… الصفحة 17)

فيكون الجواب -السؤال الأزلي:
(واقيلا
أنا أسطورة
أو حجاية
أو كائن
من ألف ليلة وليلة… الصفحة 19)


2. قصيدة (فوق الجهد): في الوجود ومناجاة الذات والعشق:
جلد الذات طريقة مثلى لتعرية الذات، وفي بوح جميل يقول الشاعر:

(فوق الجهد
القلب حي ودقاتو
ما صفاتش
خلطت عليه هنا
لقيتو لهيه
طوير مذبوح
ذبحة نرجس
قدام غلتو
حب الذات عذاب
حب الذات موت
بلا ورد
بلا ريحة بوح
فوق الجهد … الصفحة 22 و23)

لكن الحب الانساني عاطفة كونية صادقة:
(بنيت الحب مجرة
كواكبها محبات
مصافة
صفوف النجوم… الصفحة 25 و26)

ثم يسافر شاعرنا في الكون والمستقبل:
(وعرضت على
عطارد والزهرة
وسبحت في ملكوت
مالك الكون
مجلي
من خطايا
من عيوبي
من جيوبي
من ذنوبي
وتذكرتني صلصال فوق اللوح … الصفحة 26)


3. قصيدة (متاهة): الحيرة والذات المتأملة:
في متاهة الزمن، يحكي زجالنا عزالدين الشدادي قائلا:

(ف بندول الزمن
وقفت على راسي
قالو لي:
انت فوق هنا
جاتني الحيرة
شفت بحالي
كثار
نفس الشعر،
نفس الوجوه،
جوج قدام
جوج رجلين
جوج يدين
زيرو عقل…الصفحة 31 و32)

في متاهات الانسانية يتساءل شاعرنا:
(ف بندول الزمن
قلبت على
الانسانية
قالو لي هنا
قالو لي لهيه
وسولت راسي
باش أنا
انسان؟
بالرجلين
ولا، باليدين
ولا بالقلب؟؟ … الصفحة 34)

لكن يتدارك الموقف ويكون الجواب هو عين العقل:
(نسيت العقل
حيث،
عيب ندوي عليه
وحشومة نشوف به
وعنداك… عنداك
نفكر فيه؟… الصفحة 35)

ومع الزمن المستقبل، يسافر مع أسماء وشخصيات بصمت التاريخ الانساني:
(ف بندول الزمن
لقيت شلا ما لقيت
لقيت، المجذوب كحل مغلف
وأمغار مسناوي
مشى م لهيه لهيه… الصفحة 36 و37)

وكذلك:
(ف بندول الزمن
توقف الزمن
تحرك البندول
وطحت من الأرض
الأرض
حليت عيني على
حفاري
ومقابر
شلا جوع
شلا خوف
شلا غواث
شلا،
ما بغت تموت. الصفحة 39 و40)

4. قصيدة (لبلاد): الوطن ولا شيء غير الوطن:
الوطن منبع الحنان وحضن من لا حضن له، ولهذا يشبهها زجالنا بالأم:

(ذك لبلاد،
لميمة م
تعرف عقر
راوية
ك حنان ذاك الصدر
لي تحت قدامو
تبنات الجنة …الصفحة 42)

وكذلك:
(تراب،
يتسف ويتشرب
عند الوحم
ما يتحرث
ما يتحصد
سبولتو حية ولافة
كيف الشتا
كيف الصهد… الصفحة 44 و45)


5. قصيدة (قلب واحد): انسانية ووجود واحد:
عن هذه القصيدة، يكتب ادريس أمغار مسناوي: (لعل الزجال سافر معنا مع وجودية هيدجر وسارتر… وعرف يستفيد من رؤاهم… الصفحة 7):

(نكونوا لهيه
وهنا
ك آدم وحواء
من غير ذنب… الصفحة 48)

وكذلك:
((خاويني ونخاويك
حتى يمل
لخوا من لخوا
وينشد العم
أنشودة
(الوجود بما هو موجود)
الوجود احنا
والموجود احنا
والباقي ما كاينش
غ أنا وأنت
حيث
أنا واحد
وانت واحد
واحنا بجوج واحد… الصفحة 49 و50)


6. قصيدة (خيتي يا خيتي): الايثار في أبهى حلة:
يعود ادريس أمغار مسناوي في تشريح نقدي جميل لهذه القصيدة، فيقول: ((في قصيدة (خيتي يا خيتي) تاينتصر الزجال لقيم الحب والكرم الانساني والابداعي…الصفحة 9)).

في بوح جميل يقول الأستاذ عز الدين الشدادي:
(تنساك الجراح أخيتي
تسكن دواخلي أنا
بلا موجب شرع
بلا دقات ف نصاصات الليل… الصفحة 56)

وكذلك:
(تنساك الهموم آخيتي
وتشربني أنا
حدج وقطران
تسفني سفوف
على الريق
تشربني جغيمة جغيمة
ملي نفيق
تكبني كويسات بلار
طير من دار لدار… الصفحة 57)


خاتمة
عن تجربة عزالدين الشدادي، يقول الزجال والباحث احميدة بلبالي: (عزالدين الشدادي صوت زجلي قادم بقوة، يبدع من خلفية فلسفية، وهنيئا للتجربة المغربية بهذا الصوت…)…


إحالات:
ديوان (محال نكون أنا؟)
ديوان (نقطة من سكات)
مقدمة ديوان (محال نكون أنا؟) لشيخ الزجالين المغاربة ادريس أمغار مسناوي
شعرية الكتابة في ديوان (محال نكون أنا؟) للزجال عزالدين الشدادي للأستاذ سعيد حفياني

ذ. مجد الدين سعودي / المغرب



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *