تجليات غيابي (خاطرة) / بقلم: ذ. مختار سعيدي / الجزائر


من هذا الذي أيقظ الصدى
ونداء التخوم نائم
ومن أين أتى الصباح بتباريج الأنين
ومن ذا الذي صرخ في أذن السماء
فتجلت عين الليل الساهرة
حافية الجفون والرمق يئن
والسهاد بعلّته يتأوه في صدر الكاظمين
وعلى فراش مقامات الود مات ذاك الصهيل
من صمم باليات الظن السكوت..
وانت في عمق الغدير تغني
تداعب مجرى تدفق التحديات
عكس تيار أوتاري.. فتوقف كل شيء
شاهت ظلال السراب
ووجه التداعيات يبتسم
من بعيد أراك تنافح على قمة الظنون
حرر القيد من القيد وافصح
واترك الأيام تنفخ في الزمن بعض النبض
وفي سجايا الوعود نهاية الأمل
لقد حل الحلم مكان ساريات اليقين
هلاّ تجردت حتى أرى حقيقة الوجد فيك
وتهجر قواطعي مع الصمت أوكار الأفول
ولا يتغنى بك القصيد قبل أن يقبس
وإذا انشق النّغم تحرقه الشجون
ويستريح الضوء على حاشية البوح
ينير على الشفق واجس الدهر العنيد
وأنت العابر فوق العبارات
وعبرات السحاب لا تتجلى
إلا تحت احتراق بتول اليراع
وعلى إيقاع توحد الناسكين..
هي شطحاتك بين الحنايا لا تتوقف
حتى في ارتدادية الهزج المبين
تتلاطم أمواج فحولة العزف
حيث يولد سر الجنون ولا ينثني
يباغتني نداء ناصية الصباح
ولا أراك إلا وراء تردد الصدى
أين تتلقح فيما بقي من العمر
بالنسائم على خد نرجسيتي كل الورود
فأين أجدك وأنت تخفي في نفسي وجهك
وتباريج حنينك تتسرب هدرا بين السطور
وضلت مواسم الود قبل وصولها
بين سرايا المسافات الهادرة
والزمن لا يزال يهرول نحو الأفول
وأنت على مطية التردد باستحياء
تتجرع برفق كأس الزمن الذي بيننا
ليرسم قدما حافية على تجاعيد الجبين
هكذا هي تداعيات الجلاء الجميلة
تأتي دائما مواسمها متأخرة
فيجلدنا الندم بسياطه دون رحمة
حتى لو كنا في دفء الحضن حالمين
أقرأ أحيانا تورطي في ظنك شقاء
وفي طويتي أقرأ تفاصيل الرحيل
انا لا أريدني لك وطنا براية واهية
ولا اريد أن أفتح قلبا تطهر قبل حلولي
بعزته في روضة تجليات السابحين
ويبقى بيننا الود يلوّح من بعيد
حتى تقطف أنامل الشوق أزهار المناديل.

ذ. مختار سعيدي / الجزائر



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *