فجر يعلن ولادة الصرخة (سرد تعبيري) / بقلم: ذة. سامية خليفة / لبنان


الموتُ يتربص بالمكان في وتيرته الملحّة في صوتٍ محا أساريرَ الظلام، رنينُ أضراسِه المتساقطةِ يوقظُ الأميرةَ النّائمةَ من سباتٍ طالَ أمدُه. هنا تتناثرُ  منه لآلئ ابتسامتِه، وهناك يتقوّسُ متنُهُ ليعلن ولادة نهارٍ مشرقٍ، وإن في غرفةِ إنعاشٍ قاحلةٍ إلا من جهاز إنذارٍ يقيسُ نبضًا محتضرًا تحييهِ نظرةٌ عابرةٌ من عيني الأملِ، اصطفّتْ بتغريداتِها حول سريرٍ يئستْ ملالتُه من البياضِ المتكرِّر في كلِّ الأركانِ، حتّى أمسى البياضُ رديفًا للسَّوادِ! نظرةٌ عابرةٌ تقلبُ الموازينَ تحيلُ الملالةَ إلى محارةٍ تختزنُ لؤلؤةً ورديَّةً تنعشُ لونًا أبيضَ راقدًا في غيبوبةٍ لم يصحُ منها إلا على تنفُّساتِ فجرٍ آتٍ من عالمٍ آخرَ بلا كوكبٍ، فهو لا يعترفُ بالمكانِ، فجر جديدٌ لن يبترَ بمدياتِ الخرافاتِ الواقع كما في كل مرة. قوائم أخطبوط الوهم تفور منها الدماء، عد يا واقعا تتناسل منه الدهشات، سأتركك تسرح في أرجاء محارتي مستقصيا أصداءً هشَّةً لماضٍ عقيمٍ ولحاضر سقيم ستذيبُها جميعَها في حنجرةٍ ساخنةٍ تلتهبُ عشقًا بحياةٍ متجرّدةٍ من الهذياناتِ. لا بدَّ وأن يتحوَّلَ الصَّوتُ المكتومُ في الأعماقِ من حشرجاتِ حسراتٍ تنقبضُ في الصَّدرِ إلى صرخاتٍ مدويّةٍ، فلا عجبَ إن تعرَّشَ الواقعُ الفكر متربِّعا ملكًا ماسكًا صولجانَه على كرسيِّ السِّيادةِ، وإن تسيَّدتِ الحقيقةُ على الوهمِ فكم سُبيتْ وأُسرتْ متّهمةً وجريمتُها النَّكراء فقط أنّها لم تجدْ ركنًا يستقبلُ نداءاتِها لكثرة ضجيجِ الأماكنِ وعثرةِ الكبواتِ، حتما ستعثرُ على مكانِها وسطَ خطوطِ جهاز الأملِ الذي أعلنَ بفجره ولادةَ الصَّرخةِ.

ذة. سامية خليفة / لبنان



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *