الصّـــرخة (سرد تعبيري) / بقلم: ذة. سامية خليفة / لبنان


من قالَ إنّ جراحَ النّفسِ تندملُ؟ أراها مُثخنةً لا تلتئمُ! منْ قالَ إنّ الغيومَ السّودَ تنقشِعُ؟ أراها تلْتحفُ السّوادَ وتنتحِبُ!
الحصارُ خناقٌ بياراتُه الضيّقةُ المسالكِ تقتل الأجنّةَ في الأرحامِ، والذكرياتُ صورٌ باهتةٌ ملصقةٌ على جدارِ الفكرِ، تشعلُ جذوتَها أصداءُ نحيبِ الثّكالى.
أمامي امتداداتٌ لا متناهية رحيبة لمساحاتٍ من آلامٍ متفشّيةٍ كالعدوى تكتسحُ الأماكن، فها هو ذا السّكون يعتمرُ قبّعة الرّحيلِ، وها هو ذا الضّجيجُ يتشدّق بملء صراخه منفلتًا سابحًا في الفلاةِ المقفرة، في غمرةِ الضّياعِ، سأقول للألمِ أطلقْ صراخَكَ ولا تندسَّ كالأخرقِ داخلَ لحافِ اللّيل، لعل في انبلاجِكَ تنبجسُ فيوضُ نورٍ معقّمٍ آتٍ من شمسِ الحقيقةِ، شمس لا تقتحمُ بهجةَ الأفراحِ لتخطفَ سناها، ولا تعتقلُ نداوةَ الأنفاسِ لتكتمَ عطرَها، وأنتِ يا لوحاتي المغطاةَ بدثارِ الرّهبة، سأغمركِ بالألوانِ القاتمةِ وبأناملَ رشيقةٍ سأنقّط المساحاتِ كلَّها لن أبقيَ فيكِ ثغرةً فارغةً! سألصقُ فوقَكِ الورودَ لتكوني نعوشًا، حينها فقط سأصرخ، لعلّ في صراخي ترتعدُ فرائصُ مفاصلِك.
أعدُكَ أيّها اللّيلُ أنّ مع كلّ شهيدٍ ستولدُ من بين أصابعي لوحةٌ، ومعَ كلِّ لوحةٍ ستنشقّ من سكونِكَ صرخةٌ، وما أكثرَ الشهداءَ في بلادي!

ذة. سامية خليفة / لبنان



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *