هو الشعر ….وكفى…. / بقلم: ذ. نور الدين برحمة / المغرب



جبران خليل جبران، يقول بثقةٍ عالية: «إنَّ لدى كلِّ راعٍ عربيٍّ إحساساً بالشِّعر، يفوق ما لدى أفضل شاعرٍ عالمي

*******

ربما اعجبتني الفكرة يا جبران… أقول ربما لأني فهمتك منذ عثرت على معاني الفكرة… الشعر حين يكتب برموز… أي بحروف لغة ما فإننا من خلال الحروف لا نبحث عن الكلمات الجزلة ولا عن الكلمات التي تعجزنا ولا الكلمات الغريبة ولكن في اعتقادي البسيط فاننا نبحث عن ذلك الإحساس الذي يحلق بنا الى معاني الجمال
الشاعر ليس هو الزمخشري الذي أراد ان يظهر قوته ومكانته من خلال اللغة فكان تفسيره –الكشاف- عبارة عن لغة متعالية… قوية لكنه لم يكن له ذلك الأثر الذي كان يتوخاه… ربما لأن تعالي لغته جعل الناس يبتعدون عنه ويتجهون للبحث عن تفاسير اخرى تقرب لهم المعنى وتبسط لهم الفكرة من اجل ان يعيشوا لحظات تجعلهم يشعرون حقا بحلاوة الايمان
كذلك هو الشعر… فهو ليس اللغة وحدها وليس الصنعة وحدها انما هو الإحساس بعمق الفكرة حين تأتي بلغة بسيطة سهلة لا التواء فيها… الشعر هو كل ما اشعرك بروعة الوجود
الشعر هو سفر عبر إحساسك المنبثق من القلب والعقل لمعانقة كل ما هو جميل… الشعر فكرة في الراس ونور في القلب وايمان بالإنسان في انسانيته… الشعر موقف… لذلك أقول لا تجعل نفسك حكما… فقط وفقط حاول أن تسافر… أن تحلق مع كل كلمة انطلقت من عمق شاعر صادق… تعلم كيف تكون العاشق لمعاني الجمال من حولك
لست أدرى إن كان جبران محقا حين همس ذات يوم في عمقي قائلا وبكل ثقة — إن لدى كل راع عربي إحساسا بالشعر يفوق ما لدى أفضل شاعر عالمي —
أحيانا أجد قصيدة أمامي تتحرك… تبتسم… تتفاعل… تهمس… تحب …
قصيدة قد تكون مجسدة كبائع السمك وهو يحمل على دراجته ذلك الصندوق الخشبي المتهالك… والقطط تتعقبه بين الدروب يتوقف يخرج من صندوقه سمكة او أكثر يطعمها وهي تبتسم له من خلال ذلك المواء الذي يصل إلى عمق البائع… يبتسم لها ويمضي وهو يصيح بأعلى صوته بين الدروب…. سمك… سمك …
هل هناك قصيدة أروع من هذه ……
بساطة اللغة وعمق وصدق الفكرة هو ذلك الشعر حين يخاطبني… ذلك هو الإحساس بالجمال من حولي
أما اللغة لتكون أقوى يجب أن نخرجها من دائرة التحنيط فهي تحتاج إلى من يحولها إلى لغة التداول اليومي لتكون أقوى بما تحدثه فينا من جمال في الإحساس وصدق في الموقف فيكون الشاعر صورة لقصيدته… أي نجعلها تعكس تصورنا للوجود كما نحن الآن لاكما كنا قبل ألف عام
ربما يكون هذا هو الشعر… ربما يكون جبران قد أصاب… ربما

ذ. نور الدين برحمة / المغرب



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *