****حملت قلبي بعالٍ كأمنية أرفعها إلى السماء، لتمطر على بقعة الأرض التي رافقتني منذ نشأتي المحفوفة بالأعشاب الضارة التي تأكل من جوانب ذاتي وتجعلها تبدو أكثر خصوبة وجمالًا.
****كلما عبرت إشارة المرور، تعبّرني ذكريات الجرائد المرصوصة، حيث يحاول بائع الجرائد إزالة الحجر الذي يثقل على قلبي، مبتسمًا وقائلاً: “من يشتري أخبار البلد؟”.
**** بنظرةٍ، شرعت الدهشةُ أبوابها لي.
يا لذةُ الحياةَ، حينما ترضى حتى الشارعَ.
تنبثقُ منه التحيةُ، كلحنٍ يردده بشغف أوركسترا الوجود.
****جلستُ أنا وقلبي ونفسي نجتمع لنتذوق مرارة القهوة، في زاوية شمالية تلفحنا بنسيمها الذي يحمل روح الحنين للعودة إلى الذات.
****تمضي الأيام بثباتها، تتحوّل إلى ماضٍ يندثر في عتمة الزمن. تصبح حياتنا مجرد حفنة صغيرة من العمر، ويا للأسف، كم هو مؤلم أن نتخطى تلك الحواجز الكثيرة لنصبح إنسانًا يعيش ويتنفس في هذا العالم المتغير.
****أرجوكِ، خذي هذه الهدية بعين الاعتبار. فلم يسبق لي أن قدمت قلبي لأحد من قبل. ولكنني أفضل أن ترميه في نفايات المدينة، وذلك بدلاً من أن يتعرض لغدر الصديق ويُرمى في أعماق الخيانة في أيام الغد.
**** منذ ظهور أسناني اللبنية،
وأنا أدنو من حافة الموت، أقبلها على الجبين.
أمد يدي نحو الأفق البعيد،
أتوسل لأجد ارجوحة في السماء،
تختلف تمامًا عن الارجوحة المتهالكة
الموجودة في مسقط رأسي.
**** منذ فطامي، تربيتُ على أجواء السجائر الرخيصة. ومنذ نشأتي، وجدتُ وطني مهملًا ومنفضةً. إنها مملوءة بأظافر الساسة المتآكلة ورماد العدم المتناثر.
**** متى تصرخ أمي
في وجه الأفق البائس؟
قد ازدهرت زهور البنادق
في صدورنا المجروحة.
والذكرى في الوطن تثقل قلوبنا
بأحزان الفقد والعدم المطلق.
**** كل الذين أحببناهم بثقة عمياء،
سلبوا سحر الحياة من عيوننا.
وأخذهم حادث نسيان مؤلم
في ذاكرتنا.
**** تتلألأ الخدانُ المشرقان بنورهما الساحر، وتتوهج العينان كألماستين بريقًا لا يضاهى. وكأن الثغرُ ينسابُ بأجواء المساء، يتصارع فيه الشعرُ الدافئُ بين أوجاع الحنينِ وصرخات الابتهال.
**** لا جدوى من دفع عربة العمر في دروب الوطن المتآكلة،
التي لم ترتوِ من مطر الله،
إنما من ماء وجوه الساسة المفسدة.
ومن عرق جبين المومسات العابثة بالشرف،
وعرق تعب الجلاد من جلده بالسوط.
وطن متآكل ولا مناص للتجديد، يا الله.
**** بقعة مُنهوبة،
كلما ازدهرت زهرة جميلة،
إنقضت عليها ريح الحاشية وجففتها.
**** من دهاليز الروح في المدن البعيدة والغريبة، ومن شرفات العدم والزوايا التي تضاعف الصقيع في وجداني، أكتب لكم الجرح على شكل ومضة، والسعادة بلون حبر الوجد، والنور على شكل قصيدة غير موزونة. أكتب لكم بسلوك مستلب، لأنني في كل لحظة أخسر شغفًا وروعة، أخسر الفَ ألف مرة في اللحظة، منذ خسرنا بلادنا.
أكتب لكم لأنكم وحدكم الأصدقاء، وحدكم تعرفون شعور الغرق والضياع والصعود والهبوط والاحتراق في المدن الغريبة. أكتب لكم شكرًا حرفيًا، وأعتذر منكم بجميعي الذي تبدد بهواء البعد. أكتب لكم نقطة ضعفي ونقطة النهاية بين فواصل الشوق. دمتم أحبة الحرف ورفاق الوطن، دمتم سالمين.
**** مضى العمر رقصةً على نوتات صرير الباب، وتزقزق سحاب الحقيبة.
**** تغيرت كلُّ الأشياء.
فإن المرأة في الأصل
وردة جميلة.
**** جرحي العزيز، أقنعتهم تسقط حينما تزحف، ظنوا أنك تبتسم.
**** كيف يمكنني أن أسامح أمسي الذي استدرجني بمرآة طمأنينتي حتى انشعرت بانعكاس رحيلهم الروحي في روحي؟
**** اللغة الشعرية بعيدة التعابير، شاسعةٌ، ترتبط بالفهم والتأويلات جمة.
**** حتى الزهرة، فوق الضريح، تتخذ سلوك النظرة الأخيرة.
**** كلما ذُكِرَ أحدهم (الأم)، تتحوَّل العبارة إلى غيمة تصطدم بروحي، وتمطر عيناي بهدوء.
**** كلما استفيق، أرى الفراشات تحلق في أرجاء المنزل، والعصافير والزهور ترقص.
لكن في الحقيقة، كانت أمي تفتح النافذة وتحتضن الستائر، ثم تخصّرها.
**** مطعونٌ يجرُّ قتيلًا، هذا ما يحدث في رأسي كل مساء.
**** وحيدًا، أنا أزاحم مثل القشة التي تُلتهمها النار. وحيدًا، أنا أزاحم ذنبَ الوجود وذنبَ عجزي عن الحركة في وجه العنف الذي يجتاحنا. وحيدًا، أنا أبكي وأبكي مرارًا، لكن وحيدًا بلا رفقة.
**** نورٌ مقيدٌ بالزوايا يبتسم ويغفو،
لقاءٌ جزءه خجلاً والباقي تتردد،
زهرةٌ تعانق قضبان السور،
حينما انتهى اللقاء وتلاشت الوجوه.
**** مؤلم أن تكون عكازًا لشخص يسعى لإبتذال كرامتك، ولا تدرك ذلك إلا بعد أن تتعرض للسقوط.
**** عمر الحب كنهرٍ محترقٍ بالشوق، والورد يتفتح بجمالٍ يلهب القصائد الشعرية.
**** من لهيب المجاز وشغف الروعة، خلخالٌ يقلد صوت المطر، والخصر زهرةٌ يانعة.
**** حملتُ راية المحبة،
وحملتُ أيضًا عبء بلدنا المنهوب.
أرفعُ شغفي ولهفتي عاليًا،
لم أكن أتوقع أن يأتي الانشطار،
فيجعل كل هذا الثقل يطفو على سطح روحي.
**** لولا الحب، كيف يمكن للجرأة أن تتألق وتتجلى في أحلى تجلٍّ؟
وكيف يمكن للروعة أن تتدفق نقطة تلو الأخرى في أعماق الروح؟
**** في غيابك، تتلاشى الخضرة النضرة، وتصمت المناداة العذبة، ويشهد اليباس بروعة مُرعبة.