كلما قيلت لها أثناء محاورتها عبارة “أفهمكِ جيّدًا”، تصريحًا أو تلميحًا، تبسّمت بتهكّم ابتسامةً تُخالطها ثقة عالية جدًّا…
وَدّتْ لَو فَنّدَت بشدة تلك المقولة، لإقناع القائل أنها خاطئة ولا أساس لها من الصحة، لكنها تكتفي بتلك الابتسامة التي يتبعها صمت الحكمة.
صمتٌ يصدح بداخلها أن لم يسبق لأحد أن عثر عليها، لأنه صعب جدًّا الوصول إليها، فهي لا تتواجد حيث يُعتقد أن تكون، ولا تظهر علنًا بكُلّيتها البتّة، هي لا تنصهر ولا تندمج في الأشياء، بل تكون دومًا وراءها، لا تتجلى كحقيقة كاملة أبدًا، فقط طيفها من يتجسد، هي تتوشح الكلمات، تمكث وراء ستار الفكرة والمعنى، تقبع هنالك بعيدا جدا خلف المشاعر، ووراء الأفعال وردودها،
تجلس في هدوء خلف الأشياء… تتأمل، لتعيد الأمور لنصابها، وتكتشف ذاتها من جديد.
تقول واصفة عجز قلمها عن سردها كاملةً، ومحدوديّته حينما يحاول حلّ أُحجياتها، ظنًّا منه امتلاكه مُكنة ترجمة كيانها حرفيا! لكن هيهات:…
لا يتأتّى لقلمي أبدا
سكبي على الورق دفعة واحدة
فلا يستوعبني حبري
لا تحملني السطور
ولا ما تَخفَّى بينها غيرَ مذكور
يبقى دومًا نبضي فُتاتًا مني
ومجرد رذاذٍ عنّي منثور.
صعب عليها ونادر جدا العثور على من يتقنون لغتها الفريدة، ليخاطبوها بها، لغة راقية جدا تختصّ بعوالم مثالية، تسمو بالروح وترقى بالفكر لأعلى المنازل.
ذة. زينة لعجيمي / الجزائر

