إلَی بَیرُوت اللَّظی و الرُّکَام.. / بقلم: ذة. سعيدة باش طبجي / تونس


لُبْنانُ يا جُرْحِي
و يَا جُرْحَ الحُروفِ النّازِفاتِ على الثَّرَى
دَمْعَ الوَرَى…
ذُلَّ الأَنَامْ
بَيرُوتُ يا جُرْحَ الكرامةِ
حينَ تنْتحِرُ الشّهّامةُ
حِينَ يَسْري في المَدَى المَوتُ الزُّؤامْ
بَيرُوتُ يَا أشْلَاءَ رَوْضٍ
قَد تهَاوَى كُبَّةً مِن لهْبِ قَهْرٍ
فِي تَجاوِيفِ الرُّغامْ
بَيرُوتُ يَا أَرْزَ الجِبالِ
و هَامةَ الحُسْنِ التّليدِ
هَوَتْ غُبارًا فِي سَرادِيبِ القَتَام

*******

بَيرُوتُ يا وجَعي و يا وَجَعَ المَدائنِ
حِينَ يَجْفُوها الأمَانُ
و حِين يُنْكِرُها السَّلامْ
بَيروتُ يَا حُرِّيّةً نُسِلَتْ
بِحَدِّ مَخالِبِ الإرهَابِ
مِن رِيشِ النّوارِسِ و الحَمَامْ
بَيروتُ يا أهزُوجَةً نامَتْ بِلَا نَغَمٍ ..بلَا حُلمٍ
عَلى مَهدِ الرُّكَامْ
بَيرُوت يَا أُرجُوحَةً.. قُصَّ الجَناحُ بِخِصرِها
و تَدَحرَجَت أَحلَامُها
فَوقَ الرُّخَامْ
بَيرُوتُ يا جَدْبَ السَّنابلِ
حِين تَسْقيها القَنابلُ مِن يَنابيعِ اللَّظَى
تَقتاتُ بُرًّا منْ حُبيْباتِ الضّرَامْ…
بَيرُوتُ يا هَوْلَ الأَصَائِلِ
حِين أضْحَى الكَونُ نسْجًا
مِن خُيُوطِ اللّهْبِ في أنْوالِ خُفّاشِ الظّلَامْ
بَيرُوتُ يا شَلَلَ الأيَائلِ
حِينَ أُخْرِسَتْ البَلابلُ
حِينَ أهْمَى باللَّظَى ثَدْيُ الغَمامْ

بَيروتُ يا تِيهَ الطُّفُولةِ
يا تبارِيحَ الرُّجُولةِ والفُحُولةِ
حِينَ تَنفَجِرُ الأرَاجيحُ البَرِيئةُ
ثُمّ تَهوِي في دَهاليزِ الحُطامْ
لمَّا بيُوتُ العِزِّ
تغْدُو للذِّئابِ مَثَاوِيًا
و مَرَاتِعًا لقَذَى غَرَابيبِ الظَّلامْ

بَيرُوتُ يا عُقْمَ القوافِي
حِين تَجْفُوها البُحُورُ
و حِين يهجُرُها البَديعُ
و تَكتَسِي سُقْمَ الجُذَامْ

*******

يا قِبْلةَ العُشَّاقِ يا بيْرُوتُ..
بلْ يَا قُبْلَةَ الأنوارِ في خَدِّ الأصَائلِ و الأمَاسِي
كَيفَ مِن بَعْدِ النّسَائمِ و الشَّذَا
فَوْق الرُّبَی
قَد حَوَّلُوا صَرْحَ الجَمالِ
إلى رَصِيفٍ مِن رُكَامْ

مِن بَعْدِ سَيْلِ الدَّمِّ
هلْ مازَالَ يَهْفُو في البِحَارِ
و فِي اليِنَابِيع الغَرَامْ؟
مِن بَعْدِ لفْحِ النّارِ مَاذا قَدْ تَبقَّى
للشُّمُوسِ و للنُّجُومِ
سِوَى صَقِيعٍ مِن تَباريحِ الحِمَامْ
مِن بَعدِ صَرْخاتِ اللّظَى فِي أفْقِكِ المَحْمُومِ
هَل مَازالَ يَجْرُؤ أن يُناغِینا الكَلَامْ ؟
هَل يا تُرَى لا تَخْجَلُ الأشْعَارُ إن عَجَزَتْ
سُطُورُ البَوحِ عَن رَسْمَ الدّمَارِ
و لَفَّها صَمْتُ السَّقَامْ ؟

*******

يا إخْوَةَ الأوْجَاعِ في زَمَنِ اللَّظى
مَاذا سَنَنْقُشُ فِي سُطُورِ الشِّعرِ
أو فَوْقَ الرُّغامْ ؟
مَاذا نَقُولُ لطِفْلةٍ
جَعَلت شِعارَ اليُتْمِ فوقَ جَبِينِها
أنْكَى وِسَام؟
وَشمًا مِنَ الأوْصَابِ
و الاغْوالِ و الأهْوالِ
و المَوْتِ الزُّٶَامْ؟

أنقُولُ أنّا أُمّةٌ صُفِعَتْ على الخَدِّ اليَمينِ
فَمَدَّتْ الخَدَّ اليَسَارَ
و رَبَّتَتْ زِندَ العَدّوِّ
و بَارَكَتْ مهْدَ النِّيَامْ ؟
أَنقُولُ إنّا عَنْ سُلَافاتِ النَّدَى صُمْنَا
و أغْوالُ الرَّدَى قَدْ بارَكَتْ
هَذا الصِّيَامْ ؟
أنقُولُ : ماعَادَتْ بقَلْبِ الأرْضِ
حَبَّاتُ الدَّوالي يَنتَشي من شَهدِها
نَبضُ الغَمامْ؟

سَأقُولُ : يا بَيروتُ يا عَنقاءُ
هُبِّي و انْفُضِي ثوبَ الرَّمادِ
و حَلِّقي بِذُرًى تُتَوِّجُها أکالیلُ الوِئامْ
سَأقُولُ يا بَيرُوتُ يا عَشْتارُ
صُبِّي قُبلةً زَهْراءَ فِي ثَغرِ الرَّبيعِ
و أَيقِظي تَمُّوزَ يَبْعَثُ في صَقیعِکِ
عِشق صَبٍّ لا یُضَامْ
سِيرِي بنَعْلٍ مِن ضِياءٍ
فَوقَ أكْداسِ الرَّمادِ
سَيَزْدَهِي عُشْبُ الثّرَى
و يُعَرِّشُ العِنّابُ و التُّفاحُ و النّسْرینُ والرّیْحانُ۔۔۔
فِي فَيء الخَماٸلِ و الرُّبَی
أشْهی طَعامْ
و نَهُزُّ جِذْعَ النَّخلِ
یَهْمي الحُبُّ و الشّعْرُ الجمیلُ سباٸِکًا
و العِشقُ حُسْنٌ و الجَمالُ مُتیّمٌ
۔۔لا مِنْ عذُولٍ ۔۔
لا مَلَامْ…

لا تَحْزَنِي بَيرُوتُ
مازَالتْ برُوحِك نَخْوةً
سَتُحَوِّلُ النّيرانَ برْدًا
و اللَّظى يَغدُو رَحِیقا مِنْ حُبَیبَاتِ السَّلامْ
لا تَحْزَني
إنْ جَفَّ نَبْعُ الحُبِّ…
عِنْدك في الضُّلوعِ مَناجِمٌ
للعشْقِ
و الشّعْرِ الجَميلٍ
و للشَّذَا
مَهْمَا تناسَلتْ الدَّواهِي و الصّواعِقُ
في دَياجيرِ القَتامْ.
أنتِ النّسيمُ يَجُودُ خِصبًا و انتِشاءً
أنتِ أنْداءُ الغَمَامْ
كُوني لنَا أيْقونةَ الفَنِّ النَّبيلِ
سُلافَ شهْدِ السِّلمِ
عاشِقةَ القَصَائدِ وَ الكَلامْ

و أنَا هُنا
في مَرْبعِ الضَّادِ الجَميلِ
أكونُ صَوتا للشَّهَامةِ و الكَرامةِ و الهوَى
في كُلِّ حِينٍ كُلّ فَصلٍ… كُلِّ عامْ
و بِكُلِّ أسْلحةِ المَقالِ
و كُلّ أوْجَاعِ المَقامْ
سَوطًا سَيَجْلدُ كلَّ سُرّاقِ الجَمالِ
و اؔكِلِي الخُبْزِ الحَرَامْ
و عَلى مَرَافي السِّلمِ ..أنْصِبُ مَرْكَبي
يَغْتالُ قِرْشَ الغدْرِ
حِيتانَ الحِمامْ
و يبيعُ سُحْقًا للشَّراسةِ
و الخَسَاسَةِ
مِن غَرابيبِ الظَّلامِ
و مِن خَفَافيشِ النِّظامِ
ومِن قَرَاصِنةِ الغَرامْ..

ذة. سعيدة باش طبجي / تونس



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *