نوبات النسيان / بقلم: ذ. عبد العزيز سلاك / المغرب


انتظرتك بلهفة ضياع
على تلة الترقب
أغرف الآه من الفراغ
أتفحص في وجه العابرين
وجهك
ومن جب القلب اتفرس
همسك.
كل عاد
وأنا أترقب قدومك من المجهول
أخمص الامل ينتابني الذهول
بوجه كالح
وريق مالح
تشققت شفاه البسمة
وملامحي اسودت
من العتمة
انتظرتك متقمصا دور امراة
في انتظار عودة محارب
كفرح من بيت العرس هارب
حتى اكفهرت ملامح الغبن
وتآكلت أوصال الروح
هلعا من فرط الجبن..
لكم يكفيني من منديل كي أداري قهر الغياب
ولكم من حرف يقيني حرقة العتاب..
بأقدام حافية اغبرت من لفحات الزوابع
وضفائر تفسخت قسرا من محنة الفواجع
ها أنا على هضبة الأفول
عارية اشجار التفاح
ما تفتقت أكمام اللقاح..
ما زلت
سرمدي الانتظار
أزلي الانكسار
بفيافي الضيم
أنتظر من لن يأتي
وأوهم النفس أنك ستأتي
ستنبعث من الرماد
على صهوة جواد
كآخر فارس
من زمن حرب طروادة
محاصرا بين ليمس روماني
ووشم فرعوني
أقرأ كفي
على فخار فينيقي
فأبقى معلق الامل
على ساحل انتظر
فيض حضورك
أمواجا تدغدغ خلجان
مسغبتي
على مرافئ المساء
ترتطم حسرتي.
بخفي حزن أعود
مكفهر السماء
بلا غيوم
بملعقة الشكوى
أنقل رمال حسرتي
من كثبان الهم
إلى أكوام الغم
سيزيفي المعاناة
لا صمت يعلو فوق
أنين الخراب
كما يترقرق
حلم السراب…
انتظرتك بلا طقوس حزن
فالنفس في كمد
حتى نسيت لقاء العناق
لحظة الاشتياق.
من جمر الاحتراق
تفطرت كبد الروح
مخافة الحتف
حتى تعسرت كل الحروف
من علة وممنوع من الصرف.
فككت حزني
على قارعة النحيب
أتصدق به رغيفا للجياع
كما يفك المضعف
حين أدخل في نوبة الصراع.
تيقنت أن حبك مبني
في المجهول
وأن حضورك
لا فاعل ولا مفعول.
انتظرتك
وأنا على موقد الذكرى
أعيد ترتيب الزمن المغدور
أجمع شتات الحلم المهدور
أنفش في رماد الوجع
كي أبحث عن جذوة ضحكة
مسروقة
تجاوزها الرحيل
عن بيت للرثاء
في تفاعيل الخليل.
فلا عزلة تعلو لوركا
ولا غربة تطفئ
نيران حسرة
فكيف أنسى…

ذ. عبد العزيز سلاك / المغرب



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *