الأديب عبد العزيز برعود في النص السردي׃ احتمالات׃ كل احتمالات العشق واردة / بقلم: ذ. مجد الدين سعودي / المغرب


استهلال
في النص الابداعي السردي׃ احتمالات، يصبح خيال الأديب عبد العزيز برعود هو البطل الحقيقي، لأنه متوج بكتابة ابداعية جديدة، خارجة عن المألوف، فهذا السارد، الراوي، الأنا، يسافر بنا في بحار الاحتمالات الممكنة، من سارد عاشق معشوق، الى معشوقة عاشقة.

القسم الأول: احتمالات، عنوان بكل لغات الاحتمالات
الاحتمال هو امكان جواز أرجحية، كما يقول أهل الاختصاص، وهو كذلك افتراض تحقق المخاطر بنسبة مئوية معينة، والبعيد الاحتمال هو غير المتوقع الحدوث،
وفي احتمالات عبد العزيز برعود، كل احتمالات النجاح، فالأديب راهن على ابداع جديد ومغاير، ولأنه يومن بما يقوله هاسيجارو׃ لكي تكون ناجحاً يجب أن تفكر في كل الاحتمالات، و تضع لكل احتمال الحل المناسب، ثم تضع البدائل المناسبة لكل حل.. كن مبتكراً و شجاعاً في استخدام البدائل.

وفي قصيدة احتمالات، للشاعر أحمد مطر، نرى كل الاحتمالات التي تخطر ببالنا، والتي لا تخطر بالبال كذلك׃
ربما الماء يروب،
ربما الزيت يذوب،
ربما يحمل ماء في ثقوب،
ربما الزاني يتوب،
ربما تطلع شمس الضحى من صوب الغروب،
ربما يبرأ شيطان، فيعفو عنه غفار الذنوب،
إنما لا يبرأ الحكام في كل بلاد العرب من ذنب الشعوب.

وتذكرني احتمالات عبد العزيز برعود، بقصيدة׃ المستحيل له احتمالٌ، للشاعر والمهندس الاردني مهند طهبوب والتي يقول فيها׃
غني لها:
المستحيلُ له احتمالٌ عندما نبقى معاً
قالت له:
لسنا سوانا كي نصدِّق ما نقول لبعضنا
فالمستحيل
له احتمالٌ
عندما نبقى
بعيداً عن سراب الأغنياتِ
له احتمالٌ
عندما نصحو قليلاً من سبات الأمنياتِ
له احتمالٌ
عندما نشفى من الهذَيان ننسى ذكرَ ذكرِ الذكرياتِ
له احتمالٌ
عندما تعلو الذوات على الصفاتِ
له احتمالٌ
فيواصل׃
وإلى وصول الاحتمال من المجاز إلى الحقيقة
ربما
ألقى غريباً ما على طرف الطريق
أحبّه، فيحبّني
ولربما
غنَّيتُ في يومٍ مجاملةً له:
المستحيلُ له احتمالٌ عندما نبقى معاً.

احتمالات׃ هو عنوان مثير وماكر، فالسارد يستحضر ذكريات جميلة، كانه يقول مع احلام مستغانمي׃ الأشياء الأجمل تولد احتمالا وربما تبقى كذلك. وعبر لعبة الخيال، يسافر بنا السارد إلى عوالم احتمالات العشق، فيقول مع مارك توين׃ الخيال مظهر الى التمسك بالاحتمالات لكن الحقيقة ليست كذلك.

القسم الثاني׃ احتمالات ما قبل اللحظة الأخيرة
وهي احتمالات محفوفة بالقلق والخوف ورفض الانهزام والغيرة.


1 احتمالات محفوفة بالقلق
يعترف السارد بأن كل احتمالاته قد تفشل لأنها احتمالات محفوفة بالقلق والهواجس
كل الاحتمالات واردة وأنا أترصد خطوها المحفوف بهالات القلق.

2 احتمال عدم الانهزام يصر السارد على حضوره في ذاكرة العاشقة بالفعل والقوة معا׃ ربما امتطت سيارتها الرشيقة وشقت سبيلها نحو المجهول دون أن تنظر في المرآة الى الخلف، حتى لا يصعد لها وجهي من سحابة الذكريات فتعود صاغرة منهزمة أمام إصراري. وكذلك׃ أو ربما ركبت أول باخرة في اتجاه مرافئ اليقين، بعد ان أنهكت روحها هواجس الشك و التردد في البوح.

3 احتمال اللقاء بشاعر آخر يواصل السارد متعة حكي احتمالاته، فنصل لاحتمال لقاء العاشقة بشاعر وسيم مسافر ومبحر يأخذ حبيبته بعيدا׃ أو ربما صادفت في القطار شاعرا وسيما يتقن فن الكلام، فعزمها على قصيدة فاخرة وقنينة كونياك في جزر المالديف، فنسيت هاتفها مفتوحا وتركت قوافي الغزل تعبر صحاري السراب.

4 احتمال النسيان في أرض الله الواسعة إن أرض الله الواسعة التي قالها ذات غضب عبد الرحمان اليوسفي لمعارضيه، لها مدلول وجودي عند عبد العزيز برعود، فهذه الأرض الواسعة هي أرض الخلاص والحرية معا׃ أو ربما فكرت في الرحيل عن مدينتي.. مدينة الموتى التي استوطنها الاغراب، فضاقت بها دروب الحب.. ثم سعت في أرض الله الواسعة باحثة عن الحرية والخلاص!!


5 احتمال اللحظة الأخيرة
يصر السارد على تبرير اللحظة الأخيرة وصعوبتها والتي يتشبث بها׃
فكل الاحتمالات واردة الحدوث، إلا أن تتنكر لصوت قلبها الأحمر الشفيف وترحل دون وداعي في اللحظة الأخيرة…!!*


القسم الثالث׃ احتمالات الترجي


1 احتمالات الأثر
يصر السارد العاشق على البحث عن كل أثر قد يقوده لمعشوقته׃
قد تكون قد تركت لي رسالة اعتذار، أو تفاحة على منصة الشوق، أوقبلة ندية على منديل ورق..*


2 احتمالات الذكريات
عبر عملية فلاش باك، يستحضر السارد ذكريات العشق عبر لعبة الحنين׃
أو ربما وضعت في علبة رسائلي ظرفا يحوي بعض التفاصيل.. صور عناقنا على ضفاف الرغبة، خيالها الخرافي الممتد على أطراف الغروب، شموع أصابعها التي تشبه فوانيس أعياد الميلاد، مفتاح قلبها الأرجواني الذي لا يصدأ..*


القسم الرابع: اعترافات
في هذيان السارد العاشق، بوح صريح ونجوى׃
نعم هي تعرف أني أعشق التفاصيل الدقيقة التي تجعلني كائنا خرافيا يطير في عراء المدى، حديثها الدافئ في الليالي الباردة، خمرة عطرها الباريسي الذي ينعش الروح، يوخز خاصرة الصبابة، صمتها المدجج بصهيل الرهبة، نبيذ شفتيها الذي يسكرني حدالثمالة، مجرات عينيها والسحر، جلستنا في الشرفة والقمر.!!*
ويواصل׃
نعم هي تعرف كل شيء.. لكنها لا تعرف أني أكره مكر الصدف و الاحتمالات!!*


القسم الخامس: الجديد في النص الابداعي السردي: احتمالات
اعتمد الأديب عبد العزيز برعود على تقنية الاسترجاع لاظهار العلاقة القوية بين العاشقين، فيقول السارد׃
نعم هي تعرف أني أعشق التفاصيل الدقيقة التي تجعلني كائنا خرافيا يطير في عراء المدى، حديثها الدافئ في الليالي الباردة، خمرة عطرها الباريسي الذي ينعش الروح، يوخز خاصرة الصبابة، صمتها المدجج بصهيل الرهبة ،نبيذ شفتيها الذي يسكرني حد الثمالة، مجرات عينيها والسحر، جلستنا في الشرفة والقمر.!!
نعم هي تعرف كل شيء.. لكنها لا تعرف أني أكره مكر الصدف و الاحتمالات!!
كما نلاحظ تداخل حكايات السارد مع أنا السارد.
وبهذا نلاحظ أن نصه السردي: احتمالات، هو كتابة بالعشق وفي العشق عن العشق، مستعملا سحر اللغة وتقنية التشويق التي تدفعك إلى الإبحار في متنه السردي، وبهذا استطاع الخروج عن نمط الكتابة السردية التقليدية والبحث عن صيغ إبداعية لإيصال خطاب السارد والسرد.

خاتمة
مرة أخرى، يعود إلينا الأديب عبد العزيز برعود، بنص جديد ومتجدد: فكرة وإبداعا، موظفا الخيال الخصب لسرد كل الاحتمالات الممكنة. فطوبى لنا بكل احتمالات العشق.

ذ. مجد الدين سعودي / المغرب


*احالات

النص الابداعي السردي: احتمالات للأديب عبد العزيز برعود
احتمالات..!!
كل الاحتمالات واردة وأنا أترصد خطوها المحفوف بهالات القلق:
ربما امتطت سيارتها الرشيقة وشقت سبيلها نحو المجهول دون أن تنظر في المرآة الى الخلف، حتى لا يصعد لها وجهي من سحابة الذكريات فتعود صاغرة منهزمة أمام اصراري.
أو ربما ركبت أول باخرة في اتجاه مرافئ اليقين، بعد أن أنهكت روحها هواجس الشك و التردد في البوح.
أو ربما صادفت في القطار شاعرا وسيما يتقن فن الكلام، فعزمها على قصيدة فاخرة وقنينة كونياك في جزر المالديف، فنسيت هاتفها مفتوحا وتركت قوافي الغزل تعبر صحاري السراب.
أو ربما سافرت لزيارة طبيب الإدمان كي تتعافى من عشق مزمن فنصحها بالتداوي بالنعاس والنسيان.
أو ربما فكرت في الرحيل عن مدينتي.. مدينة الموتى التي استوطنها الأغراب، فضاقت بها دروب الحب.. ثم سعت في أرض الله الواسعة باحثة عن الحرية والخلاص !!
فكل الاحتمالات واردة الحدوث، الا أن تتنكر لصوت قلبها الأحمر الشفيف وترحل دون وداعي في اللحظة الأخيرة…!!
قد تكون قد تركت لي رسالة اعتذار ،، أو تفاحة على منضة الشوق، أو قبلة ندية على منديل ورق..
أو ربما وضعت في علبة رسائلي ظرفا يحوي بعض التفاصيل..صور عناقنا على ضفاف الرغبة،خيالها الخرافي الممتد على أطراف الغروب، شموع أصابعها التي تشبه فوانيس أعياد الميلاد، مفتاح قلبها الأرجواني الذي لا يصدأ.. !
..نعم هي تعرف أني أعشق التفاصيل الدقيقة التي تجعلني كائنا خرافيا يطير في عراء المدى ،، حديثها الدافئ في الليالي الباردة، خمرة عطرها الباريسي الذي ينعش الروح، يوخز خاصرة الصبابة، صمتها المدجج بصهيل الرهبة ،نبيذ شفتيها الذي يسكرني حدالثمالة ،مجرات عينيها والسحر ،جلستنا في الشرفة والقمر .!!
نعم هي تعرف كل شيء ..لكنها لا تعرف أني أكره مكر الصدف و الاحتمالات !!
ذ. عبد العزيز برعود / المغرب



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *