يتنقل المهاجر العربي من موت إلى موت، المهاجر العربي يهرب من وطنه الذي لم يجد فيه إلا الفقر والعجز والخوف والملاحقة والسجن، ويطلب النار -أجئت تطلب ناراً على رأي والد ليلى عندما اتهم قيس بالعبث مع ابنته- من الدول الغربية التي فتحت أبوابها مقابل تدمير الأوطان العربية وهذه سياستها ودستورها ونهجها الاستعماري.
يلجأ المهاجر العربي الى الدول الغربية ويركض لاهثاً في شوارعها وطرقاتها معلناً أنه الآن يملك الحرية والقدرة على تغيير مصيره، ويتأهب للتحليق في سماء الدولة التي منحته الحضن الدافئ وفتحت علب الألوان وأخذت ترسم حوله دوائر ملونة من السعادة التي افتقدها في وطنه.
لكن هذا المهاجر العربي يرتدي ذاكرته ولا يريد خلعها، يعيش في بلاد أجنبية و في ذات الوقت يتمسك بجذوره ويحاول أن يحول الجذور إلى عصا سحرية يلمس بها كل شيء أمامه.
نعترف من الصعب أن نمسك المهاجر العربي ونقرأ عليه قصائد “حب الوطن” و قصص بطولات الأجداد ونشرح للأحفاد معنى تفسير أحلام المستقبل، ولعنات الاستعمار وسرقة مقدرات الأوطان.
والأصعب حين يتحول المهاجر الى خوف يغزو العقل وفي لحظات الكبرياء وخلع الأقنعة يهرع الى صيغ اجتماعية غالباً تكون المرأة ضحيتها، حيث تتحول المرأة الى حيوان خرافي عليه أن يحفظ الماضي وتكون تابعة للرجل دون تذمر.
“بريطانيا” من الدول التي عقدت مع الذل والقهر اتفاقاً ووضعته تحت الوسادة العربية، وأقامت مهرجانات الانتداب وسرقة كل شيء تحت سمع وبصر العالم و التاريخ الأصم، حتى تحولت الأوطان العربية إلى أوطان هزيلة، ضعيفة، والقت بريطانيا بظلال أصابعها الاستعمارية على كراسي الحكام والقادة العرب، وبقيت وما زالت تنام تحت الكراسي، فتحت كل كرسي يبرز العلم البريطاني يشاركه القبلات العلم الأمريكي والإسرائيلي.
ومن باب “ما بيجي من الغرب أشي يسر القلب” في بريطانيا هذه الأيام زوبعة في فنجان “قهوة المرأة العربية” فقد فجرت وسائل الاعلام البريطانية عن فضيحة “فحص عذرية الفتاة العربية” أو الكشف عن عذرية الفتاة، حيث العائلة العربية التي يريد ابنها الزواج من فتاة عربية على أهل الفتاة تقديم كشف يثبت عذرية ابنتهم، وهذا الكشف ينطبق على الهنود والأفغان وغيرهم من اللاجئين الذين دفعتهم الظروف القاسية إلى الهروب، وقد نشطت العيادات الطبية في مدينة لندن وغيرها من المدن البريطانية التي تبيع مثل هذه الشهادات، رغم احتجاج النساء ورفض الجمعيات النسوية.
المضحك أن هذه العائلات العربية قد جاءت من أوطان تم اغتصابها ومورس فوق ترابها أسوأ وأبشع وأوحش أنواع الاغتصاب، وكان هروبهم الوسيلة الوحيدة للنجاة، ومنهم من صمت ولم يصدر شهادة ضد المغتصب، أما المرأة التي تهان ويحاولون وضعها في ميزان الشرف الورقي، أي شهادة العذرية ، فعليها أن تمر بجميع مخططات العقلية الذكورية، التي تركت اغتصاب الأوطان وهربت باحثة عن شرف النساء.
أوطان مغتصبة وعقول تتحرك في مساحات اللجوء والضحية دائماً المرأة.. كانت جدتي تقول دائماً بأسلوبها التهكمي “مشاطر عنتر على مرتو”.