سرد تعبيري :من بعدِ رفيفِ الأجنحةِ / بقلم: ذة. سامية خليفة / لبنان


تُنكِّسُ الأقدامُ خطواتِها تُلجمُ صهيلَ الانعتاقِ فلا جدوى من اللّحاقِ بأشعةٍ هزيلةٍ مهشّمة يتجاذبُها السّقوط في لجّةٍ تبتلع الدّفءَ والحياة.
الدّماغُ يشحذُ تلافيفَه، يسنُّ الفكرُ بمسنِّه الحادّ، أقفُ مكتوفةَ اليدين وأنا أشاهدُ علامةَ الاستفهامِ وهي تأخذُ شكلًا غرائبيًّا وكأنَّها لوحةٌ سورياليّة، ها إنّي محاطةٌ بذراعيها مصغية لتنهداتها وهي تشعلُ ذبالةَ فكري بسؤال: هل الزّمن الذي لم ينتظرْنا علينا اللّحاقُ بتفاصيلِهِ وتركُ حاضرِنا وعدمُ الاكتراثِ بمستقبلنا؟، علامة الاستفهام التي لم تأخذْ شكلها التّامَّ إلا بعد انهمارِ دمعتِها وتجمّدِها في القاع، تُمجّدُها العقولُ الصّعبة الرّكونِ إلى حقيقةٍ ثابتة ،تلك العقول تغلي في تساؤلاتها التي لا تنقطعُ كأمواجٍ تترى تتلاحقُ ساخرةً من مستنقعاتِ الرُّكودِ والنّتانة.
جدرانُ البيت المخضلّةُ بندى الذِّكريات، كأنَّ لها عقلّا يمتلئ حكمةً حين تحتفظُ بين جنباتِها على أصداءٍ لهمساتٍ تنشئ معها رباطًا روحيًّا يبدأ من الجذور، تلك الجدرانُ التي تكاد أن تنطقَ وجدًا في تعشُّقها للذّكرياتِ يتفتَّحُ من بين مساماتِها بريقٌ أخّاذ يشتدُّ وهجُه كلّما فتحتْ أناملُها ألبومَ صورٍ لعاشقينِ هما أنا وأنت، أيها الرّاقدُ تحتَ التُّراب، الآن أمسيتُ أنا والجدران المحتفظة بنبضاتِ همساتِك صديقتين حميمتين.
أنا المحاطةُ بضجيجِ الانبهار الهاربةُ من الدّفء إلى الصقيع، لم يسعفْني حدسي أنَّ ضجيجَ المحبّة المفردةِ أجنحتَها يتنامى مادّا بساطَه الأخضرَ داحرًا سداداتِ الانغلاقِ على الذّاتِ، وأنَّ بعدَ رفيفِ الأجنحةِ لا بدَّ من صحوةٍ لحرّية مكبوتةٍ، لتمرّدٍ على الواقعِ، لتشكيلِ أحلامٍ جادّةٍ وواضحةِ المعالمِ تبيدُ الأحلامَ المنزوعةَ الصّورِ المبتورةَ النّهاياتِ، الحقيقة الثابتة التي لا جدالَ حولَها بأنَّ الهروبَ سمٌّ يقتلُ ببطءٍ…

ذة. سامية خليفة / لبنان



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *