أقف قربهم
أسمع همسهم الخافت..
لكنهم مشغولون عني
أتكلم معهم،
لم يسمعني أحد..
هم مشغولون عني..
القطار أقدام الراحل
يدقّ بحوافره
على الباب!!
من يفتح لطارق؟
الكل مشغولون
القمر، الصحراء
ابتلعتها الشمس..
قرصها مال إلى الغروب..
لم أرهم
إنهم غياب
لكن أسمع همسهم
على مقربة مني..
هم لا يسمعونني
بل يرون تلويحة يدي
من خلف الستائر
وانا أزيحها بيدٍ
وملوحاً لهم بالأخرى
كأني غريق أستنجدُ..
من ينتشلني؟
يد تمسك بحافة النهر
لكن جسدي نقطة تعوم!!
لم يرها أحد..
أصرخ..
لعلهم يسمعون،
إنهم مشغولون بالنقر على الدفوف
لإنقاذ القمر..
لكن من ينقذ الشمس؟
إذا ابتلعها الليل
وتزينت بثوب السماء الأسود،
غير حنين الغائب إلى نورها
أو من جزع من وحشة الليل
وهو يتصفح كتاباً محشواً بقصائدَ تنزف حنيناً..
أم من هو ماسك ألبوم العائلة
وينظر لهم..
لقد رحل بالأمس
لأنه أصيب بمرض عضال..
وهذا سقط مغشياً عليه
وهو قابض على قلبه
مردداً “لم يسعفني الحظ”.
وأطبع قبلة على جبين الغائب
وأقول له مازحاً لنرفع ستائر العتب
من النافذة ونلقها في النهر
ونسترح من العتمة..
تعال معي.. أمي تعدّ لنا قدح الشاي
وفي فمها هدير من الحكايات العذبة
عن إخوة جمعهم الجوع على رغيف
واحد مزقوه بينهم
مثل قميص بالٍ
وأخذ كل منهم حصته،،
أحدهم حصته الموت حيا في زنزانة
وآخر من وجع في القلب
والآخر حيا تلتهمه أنياب الغربة
باكياً شاكياً معاتباً نفسه وحيداً لم أودعهم،،
ولم أمد يدي عندما لوح لي
وهو يلوذ بغرقه!!
إن كانت الكلمة
مبرراً لعجزي عنهم
فلا تكفيني كل صخور العالم
لأسكت فمي الذي أكلته كلمات الأسف
التي أنزفت حنجرتي بالعويل
يا ذئب الروح
أناشدك. ارحمني، اسكت قليلاً
في قفص القلب طائر ينقر بأظافره
على شغاف القلب
ينوي الرحيل لعلة..
إنهم لا يسمعون
فقمرهم مشرف على الرحيل
والنجوم دموع النائحات……