القطرة الفائضة.. / بقلم: ذة. سعيدة محمد صالح / تونس


لا شيء لديّ أمدّه لك على مائدة الصّبر، لتسدّ به حاجة تعوي في أعماق الرّغبة، تلك الرّغبة في الرّحيل والالتحاق بمن هجروا الفوضى وأدمنوا عوالم الموسيقى المدفونة في صدى الجبال، المدوزنة على عروش الشّجر الرّاقص مع الريّاح، فقط كلّ ما عندي كأس حبر ممتلئ، ان شئت أرهفت السّمع وتركت كلّ نظراتك تغرف من بين عقارب المتوّقع، وهو المثبّت على وجه المحتمل، غير انّ اللاّمتوّقع ينغمس في جوف المعنى ويجذب في شباك الخيال عرائس بحر وحوريّات، تعدّ لنا قوارب النّجاة للهرب من ضفّة ماء آسن، من عفونة الأزقّة الخلفيّة لثورات ملعونة، تجعلنا نطفو على سطح واقع غاضب، تلك القطرة التي أفاضت الكأس، هي من كشفت زيف هذا الواقع الممتلئ بنباح كلاب سائبة تتحالف مع ليل شتاء طويل، برد بيت هجره الأمان فبات يشبه مدينة تلهث تحت قيظ حقبة رماديّة الغبار، مقرفة الفزع، لا شيء أمدّه للفراغ غير سطور روح تبحث عن منافذ نور في برزخ المعاجم والمفردات.

ذة. سعيدة محمد صالح / تونس



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *