أذكر كنت في الصف الحادي عشر حين مررت أثناء انتهاء اليوم الدراسي أمام مكتبة الشعب في مدينة الناصرة وقد كان صاحب المكتبة يضع الكتب أمام المكتبة وكنت يوميا أقرأ العناوين الجديدة وفجأة وإذ بكتاب مذكرات الجنرال (جياب) أمامي تناولته وبدأت أقرأ فيه وإذ بيد تخطف الكتاب ويقول لي بصوت عال ممنوع قراءة مثل هذه الكتب وكان هذا الرجل قاضيا في محكمة الصلح وقد عرف عنه أنه من جماعة السلطة.. اذكر قلت له وأنت (شو خصك) فأخذ الكتاب ومزقه.. ولكن المرحوم صاحب المكتبة ناولني نسخة ثانية بشهامة وقال لي لا تردي عليه وأجبره على دفع ثمن الكتاب.
واليوم تحل ذكرى الجنرال الأسطورة 04/10/2013 الذى أذل الفرنسيين ثم الأمريكان ومرّغ غطرستهم العدوانيه فى وحل الهزيمه، انه ((الجنرال جياب)) الذى حرّر بلده من نير الاستعمار الفرنسى ثم الأمريكى ووحد شطريها الشمالى والجنوبى لتصبح فيتنام الموحدة، فيتنام التى سوّاها الأمريكان بالأرض واستخدموا سياسة الأرض المحروقه فى عدوانهم وصبوا عليها مئات الآلاف من الأطنان من أشد القنابل فتكا وأستخدم الأمريكان ضدها كل ترسانتهم الحربيه بما فيها طائرات ال B52 القاذفة الاستراتيجية العملاقة، فيتنام أصبحت الآن من النمور الآسيوية.
الجنرال جياب من الزعماء التاريخيين للحزب الشيوعي الفيتنامي هو “فو نجوين جياب” الشهير بالجنرال جياب الذي قاد قوات “الفيتمنه” وتمكن بعد سلسلة طويلة من المعارك من سحق القوات الفرنسية في معركة “ديان بيان فو”، في يونيو 1954 التي حفرت خلالها قوات الفدائيين الفيتناميين أنفاقا تحت الأرض لعدة أميال لتخرج من نهاياتها وتفاجئ القوات الفرنسية وعددها 18 ألف في ديان بيان فو، بعاصفة أتت عليها فقتل في المعركة ثلث القوات الفرنسية، وأسر الثلثين الباقيين وكان نصفهم من الجرحى واستسلمت فرنسا وحملت عصاها الاستعمارية الحقيرة ورحلت تجر أذيال الخزي والعار بعد أن نهبت وخربت وقتلت أعدادا ضخمة من أبناء فيتنام بلا أي رحمة أو وازع من ضمير، وكان من بين قتلاها والد الجنرال جياب وشقيقه وزوجته الأولى وولده.
لقد حصل جياب مع الزعيم الفيتنامي الأشهر “هوشي منه” على استقلال القسم الشمالي من بلادهم تحت اسم فيتنام الشمالية، وبدأت المواجهة مع القوات الأمريكية التي دخلت بكل ثقلها إلى جانب العملاء الذين نصبتهم في الحكم في جنوب فيتنام، وتصاعدت حركة المقاومة الوطنية في الجنوب تحت مسمى “الفيتكونج” تحت قيادة ومشاركة وتمويل وتسليح فيتنام الشمالية. وبعد سلسلة طويلة من المعارك الرهيبة، وبعد أن استخدمت الولايات المتحدة الأسلحة المحرمة دوليا لإحراز أي انتصار، اضطرت عام 1969 للانسحاب مع جثث نحو 59 ألف من قتلاها، وكان نصر الفيتناميين الشماليين عليها أنشودة لكل المقاتلين من أجل تحرر بلادهم وشعوبهم.