الجزء الأول:
يعد النقد/ والأدب جزءا لا يتجزأ من ثقافة المجتمع فهما معا يشكلان عملة واحدة لثقافتنا وهويتنا، ومطلوب أن يكون منبعهما أصيلا نابعا من ثقافة واحدة
ولا بأس بتعدد أشكال ومناهج البحث التي لا تتعدى كونها آليات البحث والتنقيب في جماليات النص دون فرض سيطرتها عليه. فالنص الأدبي كيفما كان شكله لابد أن يكون وليد ثقافة المجتمع، يعبر عن قيمه ومبادئه.
ويعتبر النقد جزءًا أساسيًا من التحليل والتقييم للأعمال الأدبية في الثقافة العربية. من أجل دراسة وتقييم كافة الأعمال الأدبية وتحليل محتواها والوقوف على طبيعة هيكلها وأسلوبها اللغوي. إذ يساعد النقد الأدبي في فهم النصوص الأدبية بعمق أكبر، وصورة أوضح، بتقريب المعاني والصور الفنية التي قد تلتبس على القارئ.
كما أنه يساهم في تطوير الأدب عموما من خلال لفت الانتباه إلى نقاط القوة والضعف في أعمال المبدعين، وكذا تشجيعهم على تحسين وتجديد مهاراتهم الكتابية.
زد على ذلك، إن النقد يعد أكبر محفز للقراء حتى يتمكنوا من تتبع مواصلة فعل القراءة.
كما يساعد على تنمية الأذواق الأدبية وتحسين معايير الحكم والتقييم..
عموما يمكن اعتبار النقد والأدب جزءًا لا يتجزأ من بنية ثقافتنا العربية والإسلامية، ولابد من الحرص على مراعاة قيم المجتمع وأذواقه حتى نساهم في إثراء ثقافتنا الأصيلة، وتلاحمهما يمكن أن يشكل جانب التماسك الثقافي والفكري في العالم العربي.
الجزء الثاني:
هل يمكن للنقد الأدبي أن يكون له تأثير سلبي على الإبداع الأدبي!؟.
قلنا سابقا إن النقد والأدب يشكلان وجهين لعملة واحدة، لكن أحيانا قد يتم تزييف هذه العملة فتبتعد عن طبيعتها، وتفقد قيمتها، خصوصا بالنسبة للنقد.
فهناك عدة أسباب قد تؤدي إلى التأثير السلبي والخروج عن الوظيفة الأصلية للنقد نذكر منها على الخصوص:
1.الانحياز والتحيز: هناك بعض النقاد من يميلون إلى التفضيل أو التحيز إلى جهة معينة، أو نوع معين من الأدب، وفي نفس الوقت يقللون من قيمة بعض الأعمال الأدبية الأخرى، أو عدم الالتفات إلى أهلها. هذا من شانه أن يؤثر على التنوع الأدبي والتجديد.
2. التقليل من شأن الإبداع: هذا العنصر بالخصوص يحبط من عزائم الأدباء والشعراء، فينصرفون عن الإبداع. بسبب التعرض المستمر للنقد اللاذع.. مما ينتج عنه فقدان الثقة بين الأدباء والنقاد..
3. تأثير النقد على الرأي العام: وهذا ما يحرج أهل الإبداع عموما، ضغوطات الجمهور وذوقه يتأثر حتما بلدغات النقاد، مما يدفع بالجمهور إلى التقليل من قدرة المبدعين على التعبير بكل حرية. خوفا من انتقادات القراء، فيتشتت تفكيرهم، ويضيق عليهم خناق الإبداع والتجديد.
لكن، وعلى الرغم من ذلك، يبقى النقد الأدبي المنصف بمثابة المحفز الحقيقي على مواصلة الإبداع، وهذا لن يتأتى إلا إذا تحلى النقاد بالرزانة والموضوعية، والدفاع عن الكتابات الجادة والرصينة، مع احترام التنوع والتعدد، باعتبارهما مصدر إلهام للعديد من الكتاب والشعراء، مما يعزز جانب الثقة بين الجميع، وتتحسن أذواق القراء والجمهور.
والنقد كما يقول طه حسين ترجمان، لا يمكن الاستغناء عنه، كما أنه لا وجود للنقد من دون الأدب. فبالنقد يمكن تمييز الزيف الذي قد يلحق بالأدب، كما أنه المرشد الحقيقي لبوابة التجديد.
وعلى الجميع تقبل النقد والإصغاء إلى ذوي الاختصاص، وربط جسور التواصل الحقيقي حتى يعم الإبداع، ويخرج الناس من ظلمة التقليد.
ولنا في نقادنا القدامى أسوة حسنة لما قدموه للأدب العربي من خدمات جليلة، وساهموا بشكل كبير في ديمومته واستمراره ليصل إلينا سالما، معافى من التلف والضياع.
ولن يتحقق ثانية هذا الفعل القويم الا بالتزام الحياد، والتسلح بالثقافة الرصينة والمناهج القويمة.