هــلّا رأيــتمْ أبــلهاً (مُــتأستذا)…؟
قــد ظــنَّ نــفسَهُ فــيلسوفاً جــهبذا
يُلْقى الدروسَ على مشايخِ عصرِهِ
وهو الذي مَزجَ الشرابَ مع القذى
ســمــجٌ ثــقــيلٌ تــافــهُ لا يــرعوي
فـــي كــلِّ شــاردةٍ وواردةٍ هــذى
يــنفي الــوقائعَ والــهوى بــرهانُهُ
وبــزعــمِــهِ أنّ الــحــقيقةَ هــكــذا
مــا هــمَّهُ إذْمـــا كــشفتَ لــسَقْطِهِ
ووَجَــدْتَ عيباً في الكلامِ ومأخَذا
بـــلْ يــســتمرُّ مــحــلقاً بــخــيالِهِ
لــيشقَّ فــي صُــمِّ الــحوائطِ منفذا
لــلــوهلةِ الأولـــى تــراهُ مــفكراً
لــكنْ ســريعاً مــا يصيرُ مشعوذا
ضــحكاتُهُ الــبلهاءُ لا تــدري لــما
أبــطبعِ إبــليسَ الــلعينِ قد احتذى
عــجباً مــع الأغــرابِ يبدو ناعماً
لــكنْ مــع الــجيرانِ يُــصبحُ قُنْفُذا
الــنارُ تسعرُ في المضاربِ حولَهُ
وتـــراهُ يــذهــبُ لــللقالقِ مُــنقذا
لــو مــسَّ قَــرحٌ لــلخليقةِ يــشتفي
وبــصــوتِ أنّــاتِ الــجياعِ تــلذذا
وكــأنَّهُ قــد جــاءَ مــن رَحِمِ الخنا
وعــلى يــدِ الــشيطانِ كــانَ تتلمذا
لو رُحتَ تبحثُ في سجلِّهِ لنْ ترى
إلّا الــمــثالبَ والــمــأسيَ والأذى
قــد بــاتَ ممقوتاً لدى كلِّ الورى
إبــلــيسُ لـــو يــومــاً رآهُ تــعوّذا
هــو لاصــقٌ بــالقومِ رَغْمَ أنوفهمْ
وجــمــيعهمْ لــفــراقهِ كـــمْ حــبّذا.