دردشة ممنوعة من الصرف / بقلم: ذ. ثامر الخفاجي / العراق


بينَ عالَمي وعالَمِكِ حكايةُ حبٍ أكبرُ من أن يَضمَّها عالَمٌ واحدٌ.


عالَمي سيدتي إمرأةٌ أحبُّها لم تَبرَحْ مكانَها في قلبي رغمَ بُعدَها عني، وأصدقاءُ الحيِّ القُدامىٰ وبقايا ذكرياتٍ أجتَرُها يومَ كنا نتبادلُ الحَديثَ عن خيبةِ المُتنبي بكافورِ الأخشيدي وشاعريةِ إبراهيم ناجي بقصيدةِ الأطلالِ والثلاثيةِ التي لم تُغادرْ دائرةَ أفكارِنا ونقاشاتِنا المُحتَدِمةِ حولَها أحياناً للأديبِ العربي نجيب محفوظ ولا يُطفئُ حدَّتَها سوى (استكان الجاي ب ١٠فوس) وصوتُ أمِّ كلثوم براديو المقهىٰ الأثري بأغنيةِ (غُلبت اصالح بروحي) ودخانُ سيكارة بغدادَ بعلبتها المسعَّرةِ ب ٥٠ فلسا ،عالمي سيدتي لا أعرفُ فيهِ شخصياتٍ مهمةٍ يُلمعُها التِّلفازُ أو ماسحي الكُتوفِ ولا اعرفُ فيه أياً من أصحابِ القَرارِ والسُّلطةِ سوىٰ عَريف عبود الذي يَستَدينُ دُخانَ سيكارتهِ مني..يُسعدني سيدتي حبُّ هؤلاءِ الناسِ لي فهم لا يَعرِفون أن للحبِّ وجهين .


واجملُ الصورِ في عالمي هي التي تَجمعُني بأَحدِهم نحملُ كتاباً ونرتدي زيَّنا المفضلَ ( الدشداشة)الذي نجدُ فيها الراحةَ ونحنُ نجلسُ علىٰ (القنفة) التي تتأرجحُ بنا إذا زادَ عددُنا عن ثلاثةِ اشخاصٍ في مقاهي مدينتِنا المتواضعةِ
أما عالَمُك سيدتي أكبرُ من أنْ تَستوعَبهُ أحلامي


فلديكِ رجلٌ تُحبينَهُ ويُحبُّكِ حَدَّ العشقِ، ورِجالٌ كثيرونَ يَدورون في فلَكِ حبِّكِ جُلُّهم من المشاهيرِ وأصحابِ السلطةِ ،مكانكِ المفضلُ الجلوسُ في فنادقِ الخمسةِ نجومٍ والتقاطُ الصورِ مع هؤلاءِ لا اتهمكِ سيدتي بأنكِ تَتَملقينَ لهم أعرفُ أنَّهم باعوا آخرَ قطرةَ حياءٍ من اجلِ أن يفوزوا بنظرةٍ منكِ أو كلمةِ إعجابٍ، أعذُريهم سيدتي فجمالُكِ أقوىٰ من أنْ يَستطيعَ هؤلاء المأزومون أن يُقاوموه هؤلاءِ الذينَ يُحاولون أنْ يُجمِّلوا لسانَهم بنظرياتِ الحداثةِ المحدثةِ بأدبِ الغربِ بلسانٍ عربيٍ معوجٍ لأنَّهم أضاعوا المشيتين كمايقولُ المثلُ الشعبيُ،إذ تُرهقُهم مرحلةُ التَصابي ..أعرفُ أنكِ تَسخرينَ منهم وهم يَعِدُونَكِ بأنَّهم سيجعلونَ منكِ أفضلَ شاعرةٍ بعد أنْ نسوا أن يَجعلوا من أنفسِهم كذلكَ وأنتِ تَتَصدقينَ عليهم بما يَجودُ بهِ الكِرامُ من نظرةِ إشفاقٍ لِترميمِ ما تبقىٰ من أعضائِهم المهترِئةِ ومشاعرهم الباليةِ التي أنهَكتْها صُروفُ الدهرِ.. شكراً لهم لأنَّهم أسعدُوكِ بِوعودهِم الكاذبةِ ولو إلىٰ حين..


لكنَّ عالَمي يَبقىٰ هوَ الأجملَ لأنهُ عالمٌ لا مكانَ للنفاقِ فيهِ فكلُّ شيءٍ فيه لمْ تعبثْ بهِ يدُ المسوخِ من البشرِ،فبقي كلُّ شيء فيه ممنوعاً من الصَّرفِ مثل إسمكِ وازدادَ جمالاً وأنتِ صاحبةُ الجلالةِ فيه.

ذ. ثامر الخفاجي / العراق



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *