تقاسيم / بقلم: ذ. عبد اللطيف ديدوش / المغرب


نسيت رأسي على وسادة البيت االقديم…
نسيت أقدامي في شعاب الحلم…
نسيت يدي اليمنى معلقة على سبورة سوداء…
نسيت قلبي حارسا خاصا لثلاث فراشات…
لم أتذكر ما تبقى من أبعاضي
إلا حين أدركني الوصول
إلى حيث كنت أنتظرني تحت الشاهدة…

*******

استيقظت عاريا من الليل
حافيا من الحلم
على زعيق النوارس
أيقنت أن مدينتي منامتي
ماتزال تغفو على زجاج البحر
وأن الهدير واعدها على الخلوة الشعرية…

*******

أسمي الأشياء عدوى
أسمي العالم فوضى
أسمي الدرب تيها ومنحنى
أسمي الخريطة حانة أو مبغى…
أسمي الأرض سفينة قراصنة أو منفى…
أسميني رقما أو مسلى…!

*******

الشمس والقمر قاتلان مأجوران
فاحذر الطريق والجهات…
احذر ظلك و البوصلة
لا تصدق رجم النبوؤات
ما ترويه المومياء
ما تومضه الطلاسم
ما تضمره البسمات
العالم قرصان جامح
أدمن الشيفرات
وميض الإشارات
و أمواج الذبذبات…
لا الأرض بيت العابرين
ولا السماء لحاف العراة
لا الكتاب أوفى من كلب أجرب
ولا اليقين يشبه اليقين…

*******

أنثى الروح
توأم الجسد
روي الحياة
أيقونة القصيدة
خذيني إلى تماس اللحظة والأبد
اقدحي مني حكاية لشهرزاد
سلوانا لقلوب مثخنة
منديلا لعيون حزينة
خذيني إلى حيث لا قبيلة
لا ضغينة
خذيني إلى كؤوس ثملة
حيث أنتِ و أنا
إدغام جسدين وسرير المثنى…

*******

تجتاحني كالإعصار
تدب في دمي دبيب النمل
تتسلل عبر المسام
تزأر في الخلايا
تصهل في النخاع…
غواية
انتفاض
جموح
بركان هيولى
شيئ آخر أصطلي
غير اللذة والألم
أضدادي امتزاج
وحدة
انخطاف
ذوبان
صيرورة
إبدال
واضمحلال…

*******

الأيام تتساقط من رأسي كأوراق الخريف
في زمن ملتبس كالزئبق
تنسحب شموسي
تتلاشى أقماري
الماضي يبتلع عجالة لحظاتي
كأني هنا لأحتطب ألبوم صور
لألملم ارتداد رصاصات العمر
لنظم عقد بدائي يطوق الرقبة كربطة عنق في حفل ختامي…

*******

تلك الدار التي هجرتها
في طفولتي العابرة
نحو غابة الاسمنت والقار
تسكنني بدون أقساط
تفتح كل صباح نوافذها لرئتي
وتبقي الباب مواربا
لعل حقيبة تؤوب من غربة العناوين…

*******

تمة ما يشدني إلى شيئ ما
غواية فراش
هاجس طير
تحرش شمس بالظلال
شبق يصهل وراء حجاب
صدفة ما في الممر
توق الحركة إلى الامتداد
حنين الغابات إلى النواة
وانجذاب الضوء لانطواء العتمة…

*******

بين الذهاب والإياب
أستعجل هدر يوم آخر من حياة رتيبة
ككائن مكره على المجيء
مطروح على جدول الخطيئة
دونما بطولة…
دونما جدوى…!

*******

إذا جن الليل تماهينا
انصهرنا مثنى في صيغة أحاد
يفيض الامتلاء على الفراغ
يغص الفراغ بالامتلاء
ينفجر عالم من شرر رعشتين…!

*******

وسادتي ضجرة من غرفة النوم
حقيبتي تكره الدولاب
نفسي تكاد تنفر من جسدي
وهذه العناوين لا تغريني بقرع الأبواب…
كيف أقيم بين مسلمات و احتمالات ؟؟؟
كيف أسكن إلى أشياء وهواجس؟؟؟
وأنا هجرة سرية نحو المجهول…!!
وأنا السؤال والخطيئة و اللا أدري…

*******

بقليل من الشبق
بباع من النزق
أمشي مثقلا بالهيولى
إلى مجاهل غواية
تصهل في سدْرة الجسد
على ظل ينعكس خلفي
كأنه شهوة أو مرمر امرأة مستنسخة
من صلبي أو من شفرتي
كانت قد واعدتني ذات عناق عابر
بالخروج من الجنة
بالهبوط الاضطراري على سرير الأرض
للغرق في لج السوى
لرسم (قبلة كليميت)
لحظة انصهار المثنى
والموت سريعا بلسعة إيروسية
أو بنقر زر تحكم عن بعد
في يد عدم تاو تحت مجاري الوجود
لكن قبل التلاشي نقشت طلسما على رقيم مهمل:
(أغلب الظن أني كنت هنا (إيغود)… وربما أكون هناك آدم السيليكون…)

ذ. عبد اللطيف ديدوش / المغرب



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *