لَمْ يكنْ تردّدي بينَ الإحجامِ والإقدامِ إلاّ لفرطِ نقاءٍ كوازعٍ يحولُ دونَ تسلّقِ أشجارِ الوجدِ يغوصُ في أعماقِ الرغبةِ ويكبحُ جماحَ توسّلي، قدْ نمتْ فسائلُ الصبّارِ في راحتيّ وامتلأتْ رئتايَ من ذيّاكَ الرحيقِ فتتبّعتُ آثارَ الخُطى متوكَّئاً علىٰ عصا رَغَباتي أهشّ بها علىٰ وساوس ظنّي يحسبونَ همّتي عن حبورٍ جاشَ في الصدرِ فقذفَهُ أنفاسَ جموحٍ تلهثُ في الفراغِ تشكّلُ دوائرَ تحكّمٍ في هيولى مداراتي البعيدةِ. يا للعجب كيفَ لا يخرجُ الصدفُ المكنونُ من مخبئهِ وتنالهُ سطوةُ الزمنِ أو يكسرُ القيدَ ويُبعثُ من جَدَثِ التبكيتِ ليومِ نشورٍ.
أأطفِئ وميضَ مشكاةِ النجوى بطوارق الكتمان!؟ وأعلنُ موتي علىٰ رؤوسِ الأشهاد!؟ أم أقرعُ أجراسَ صمتي وأنسلّ من غمدي غير مكترثٍ لما سيصيبني من فلولٍ.. باللهِ عليكُمْ حتىٰ متىٰ يتأوه النسيمُ وتضطرمُ نيرانُ المحاجرِ والصدور!؟ أنا لا أملكُ ترياقَ سكرٍ لنبيذِ مراهمهِ الشهيةِ ولكننّي أستطيع مناكفة أمواجِ عينيهِ السابحتينِ في بحرِ الجنون دونَ نجّادةٍ وأنْ لا أنزلقَ علىٰ جليدِ مدائنهِ التليدة.