الشاعر والفيلسوف / بقلم: ذ. محمد الكروي / المغرب


يتميز الشاعر عن بقية البشر، بكونه استطاع الحفاظ على منجم الطفولة، الزاخر بالمعادن النفيسة والاحجار الكريمة، والمتمثلة أساسا في: صفاء السريرة، البراءة الخالصة، الاحساس الرقيق المتوثر، الدهشة اليقظة المنفعلة، والرؤية العميقة المقعرة.
الى جانب هذا، تجدر الاشارة الى اثر صيرورة الحياة والتفاعل مع حيثياتها الرامية إلى المزيد من النضج والتبلور، اللذين يعكسهما النمو العاطفي والوجداني، ضغط للحظة التي لا تقاوم ابدا، وعامل المكتسب المترامي الاركان، الحالم بصقل وتغذية الموهبة، بشتى أملاح المعرفة.
يجلو الشاعر مكنونه، لغة جديدة، نحتت قاموسها وصورها وظلالها وموضوعاتها، الملتفة الى اليومي المكرور، دون اهتمام من أحد.
الشاعر بنظرته العميقة هذه يرشدنا الى تصفح أوراق الحياة الغنية بعاطر نفحات الشعر، حتى في أحلك وأبشع تمظهراتها، الامر الذي يبلور الذائقة والرؤية والسلوك.
ما سبقت الإشارة اليه، ينطبق على الفيلسوف، مع الحرص الشديد، في اعتبار خصوصيات المجالين المتداخلين، الى غاية التشابه والتكامل، ما يجبر نعتهما بعملة ذات وجهين، فالشعر لا يخلو من تأمل وغور فلسفيين، وبدورها الفلسفة حبلى بأحلام شعرية.
ان الشاعر، اذ يعي ظرفه، وموران احاسيسه، يبدع لغة تراعي حرارة تفجر المشاعر، لا يوازيها إلا تفجير لغة مواكبة، فالشاعر بهذا العمل الابداعي الشاق، فيلسوف لغة وصور واحاسيس تثري الفكر.
ان الفيلسوف، وقد اتى مجاله، يناقش الأفكار الجديدة التي يفرزها المجتمع، وفق لغة تحمل بصمته، التي تطال اشتقاق ابداع المفاهيم، وهو ما يشكل اضافة هامة.
يبدع الفيلسوف في طرح الافكار والتصورات واللغة بطريقة مغايرة. ويكمن الاضافي لدى الشاعر في بلورة الأحاسيس والرؤى واللغة.

ذ. محمد الكروي / المغرب



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *