الثامنة والثلاثون بعد المائة
كل كلمة أولها حـرف وكل سعى بدايته خطوة وكل مرغـوب في محـل مطـلوب هكذا يستمرئ المرء في مبدأ فعـله ما يصوغه وبه يمـتد إلى درجة فيها يصبح الفـعـل أكبر مـن صاحـبه الذي يقـع ضحية ما ينجـز حبا وكراهية وعـلى محـمل الخير والشر معـا، فطالب العـلم نهم لا يتوقـف طموحه وطالب المال ذو شراهة غير زاهد في جشعه وكل مغامر يظل قلبه معلقا عـلى حـبل بين النجاة والهلكة وجامع الفضلات يحـلم يوما بالعـثور عـلى كنزه المدفون في أعـلى جـبل القمامة وكل شقي لا يتوب سوى بالكف عـلى يديه بالعـقـوبة فإن لم يكـن فالتوبة لا تصح سوى في لحظة الاحـتضار كما أن كل مبدع يواصل إبـداعه في مطـلب الخلود نحن ضحايا ما نرغب فيه حـبا واخـتيارا وما نسعى إليه كراهية واضطـرارا وفى كل نشاط إنساني، فما مـطـلب الزواج سوى دليل بوقع الطـلاق عـلى ما أدعـى وكل سعى في الحياة حتى لو كان في الليل مشفوعا بالستر وفى النهار مدعـوما بالجهر واقع بين السهر والحمى، فمن تعب وحرص ومخاوف واضطرار وتنافس وسباق وجرى إلى نداهة تنادى كل إنسان إلى مصيره المحـتوم بالفناء كضريبة مدفوعة الثمن بالتفاني من أجل الحصول عـلى لحـظات من الوهم ُتُسمى السعادة