الجرح الذي ينزف أروع من قصائد المعنى / بقلم: ذ. نور الدين برحمة / المغرب



قال زرادشت…. ان في العبور للجهة المقابلة مخاطرة وفي البقاء وسط الطريق خطرا. وفي الالتفات الى الوراء وفي كل تردد وفي كل توقف خطر في خطر…
ان عظمة الانسان قائمة على انه معبر وليس هدفا. وما ستحب فيه هو انه سبيل وافق غروب….
عن كتاب هكذا تكلم زردشت

*******

النوافذ موصدة
وتلك
الحمامة التي نقرت زجاج
نافذتي المشرعة على الحلم
كسرت منقارها
وتاهت بين دخان المنافي
والغمام
لن تفتح نوافذ القلوب
والسنة للسنة رحلة جنون

*******

نسيم الصباح
أنين المساء
هكذا تعلمت الكلام
بين حب مالح
وعشق جارح
وليل لليل
نشيد الهزار في غياب القمر

*******

تسقط الأيام من جلباب الزمن
نحمل وردة
للموتى
نقدمها إليهم
بأنامل من قصب
هكذا يا زرادشت
تعلمنا تكريم الغياب فينا

*******

في صباح بارد
تخرج من القبر
حجرة
جردها ماء العين
من أسمال الطين والعشب
ولا جسد لبسمة
ولا بسمة لجسد

*******

العين التي خرجت من الجمجمة
تجوب المدينة القديمة
لا بريق فيها غير
تراب
وراء تراب
لمن الورد الآن يا بائع الورد
الأصنام عبس
أم لأصنام خلدت
الجمود فينا
غابات تعتلي أشجاره
قردة طرزان العجيب
وهي تنط من فكرتي
لتكون الأجساد
حطب الزمن الغريب

*******

والعام في يد العام
سلسلة من لحود
من هنا مروا
وفي يدي زنابق سوداء

*******

أعود وأقول سنة بعيدة
لمن سعد بالرحيل
فأزهار اللوز التي كانت
بيضاء من فرح
اليوم حقلي
توشح بلون الكفن

*******

سنة بعيدة على أن تكون سعيدة
قالتها البوم للحمامة
فسقطت الغيمة
على الغيمة
وها قطرات من مطر
زجاج جارح للقدم
سآتيك عاريا حافيا
والقلب نبضه
دقات من حجر
على حجر

*******

يولد اليوم من رحم الفكرة
ذلك القديس
اعتزل في دير من أمل
يشده أنين المساء
فيغزل منه ثياب الفرح
هذا القميص
من نسيج الأيام الهاربة للأيام
لا فائدة
من هذا الجسد
لا فائدة

*******

تسقط أوراق الشجيرات
ويصرخ زرادشت
الحكمة من فم نيتشه
جمرة الوجود
جنونك
يا رائد القوة
يغلفه فكر رهيب
لم يولد بعد من بشرت به
ليكون أقوى من السؤال
نحن جواب الهزائم
نحن الصخرة
التي تكسر عليها الموج
نقاوم نعم
ونعبر
ونعبر

*******

اليوم الجديد
مطر
افتح قنينتك
واملأ عينك برقصة غجرية
وأرهف السمع
لبوح قصبة صياد
من لحن ناي يبكي تلك القصبة البرية
حيث كان جنب الواد
بين أقرانه
من أعشاب ولدت
من بسمة الماء للأرض
زمن الجفاف
أخضر
كنت قصبة
أصفر أنت
لحظة تحولك الى ناي
في يد متسول على رصيف الغياب
لحنك ذيل عقرب
يلسع شتات الروح
وهي هناك
تصعد
تنزل
من قاع السماء
إلى قاع الأرض
نيرفانا
وها هي طاهرة بيضاء..

*******

سخرية من أقحوانة بستان
الأشواك
يا
أيها الشيخ اللعوب
أتلك الفراشة من أقرانك
تلهث ولعابك يسقي
أيام زمانك
يا للعجب
عانقته الفراشة بجناحيها
وها هو قوس قزح
يرسم دوائر بألوان الوهم
هذا الشيخ
كان اسمه الشيخ
قاوم الموت
من أجل نزوة في العمق
لا وطن يشده للوطن
ولا فكرة في عمقه تستحق
أن يموت لتكون الفراشة
حرة تعانق الأفق

*******

يا سليل الصبار
حنظلة في البال
وجهه هناك
وجهي هنا
يا ناجي العلي اليوم فقط
عبرت إلى القصيدة الأخرى
صمت
صمت
وحنظلة من هنا
إلى هناك
يوزع الشمس على عتبات الأحلام
الصمت أبلغ من الشعر
يا ناجي الذي كان
ليكون الحلم غيمة
قد تمطر زهرة
نغمة
وتلك المعنى

*******

هي وجهة للوجهة الأخرى
حيث انعكاس الضوء
على الظلال
أمشي وقلبي رسالة
إلى معابد النساك
هل رأيتم ظلي
جبة النفري وحدها
معلقة بمسمار على جدار المعنى
كل القصائد التي كانت
كانت
وانتهى الإبحار.

ذ. نور الدين برحمة / المغرب



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *