ابتهال / بقلم: ذة. سعيدة باش طبجي / تونس


رَمَضانُ هَلَّ فأینَعَتْ أغْصَاني
و تضَمَّخَتْ بعُطُورِهِ أکْوانِي

و بِفَیْئهِ الرَیَّانِ هَبَّت نِسْمَةٌ
فتَوَسَّدَتْ رَبْعَ السَّلامِ جِنَانِي

و اؔعْشوشَبَ الرَّوْضُ الجَدیبُ بمُهْجَتِي
وتفتّقَ النِّسْرینُ في شِرْیَانِي

وَ غَفَا العَبیرُ بمَضْجَعِي و وَسَائِدي
و عَلی زُنودِ النُّورِ نامَ زَمَانِي

و تَدَفّقَتْ فِي خَافِقِي حُلَل السَّنَا
وَکَسَتْ شِغَافِي بُهْرَةُ الألْوَانِ

سَکَبَتْ کٶُوسَ النُّورِ في جوْفِ الدُّجَی
فَتَرشَّفَتْ خَمْرَ الصَّفاءِ دِناني

و علی جِدارِ الطُّهْرِ طالَتْ نبْتةٌ
حَتّی غدَتْ کَخَمَائِل البُسْتَانِ

و زَهَتْ لَیَالي الأُنْسِ في حِضْنِ التُّقَی
و رَسَتْ بُحُورُ السِّلْمِ في الشُّطْاؔنِ

عِطْراً و طُهْرًا.. رَحْمةً و بَداٸعًا
مَمْهُورَةً بالهَدْيِ و الإِیمَانِ

حَفلَ الوُجودُ بِنُورِها فَتألَّقَتْ
کَسَبائکٍ مِن عَسْجَدٍ وجُمَانِ

و الشِّعْرُ عَرَّشَ فَوقَ تَلِّ مَواجَعَي
فَزَها القَصیدُ بِنَشْوةٍ و بَیانِ

یَشدُو باؔلاءِ الإلهِ و مَجْدِهِ
و یُذیبُ رُوحَ الکوْنِ في الألْحَانِ

و یَحُوکُ مِن نَسْجِ الکَلامِ قَوافِیًا؛
رَسَمَتْ بَدائعَ خَالِقٍ فَنَّانِ

شَهْرٌ سَباني بالنّسَائمِ هَبَّةً
مِغْداقةً من نفْحَةِ الغُفْرانِ

فِي خَافِقي حَلَّتْ سَکینةُ نَشْوةٍ
و خَبا لۭهِیبُ الحُزْنِ مِن نِیراني

فَتَحَّوَّلتْ حِمَمُ اللَّظی مَعْزوفةً
تهْمِي کَما الأشْذاءُ فِي البُسْتانِ

بَرْدًا..سَلامًا..نفْحَةً من سُنْدُسٍ
من عِطْرِ ریحِ الخُلدِ و الِإیمَانِ

*******

يا إخْوةَ الأوْجاعِ في كَونِ اللَّظی
أوطانُنا تُغْتالُ في رَمَضانِ

كوفيدُ یَنفُثُ سُمَّهُ في فَیْئِنا
ویصُولُ في الأرْجاءِ کالثُّعْبانِ

و الدّاءُ یَرْفُلُ زاهیًا مُتنَمِّرا
في بِزَّةِ البطلِ النّبیلِ الحَاني

و دَمُ الكرامةِ مُسْتباحٌ مُهْدَرٌ
و الجُرْحُ مفْغورٌ بِقَیْحٍ قانِ

حُکّامُنا في شَهْوةِ الأجْساد لا
مِنْ جذْوةٍ أو نخْوةِ الوِجْدانِ

لا نُورَ في أرْواحِهم غیْرُ الدُّجی
عتْمًا و عُقْمًا في مَدَی الأزْمانِ

ماذا أقولُ وریشَتي مَثْلُومةٌ
والعجْزُ والإحْباطُ مِلْءُ کِیاني؟

هذي أنا في جُرْفِ أوْجَاع الجَوی
مصْدُومةٌ و النّبْضُ کالبُرْکانِ

قَد جئْتُ أحْملُ حُرْقَتي ومواجِعي
فی أحْرُفي و بأضْلعي ولِسَاني

أدْعو الإلهَ بحُرْقةٍ محْمومةٍ
تُدْمي الوَریدَ.. تَمیهُ في الشِّرْیانِ

و تُذیبُ صَخْر الحِقْد في قلْبِ الأذی
هل یا تُری تَلقَی سَمِیعَ أذانِ؟

ﷲُ.. یا ﷲُ.. أطْفِئ حُرْقتي
و بِشهْدِ نهْرِ الخُلدِ فاؔرْوِ کِیاني

قلْبي بِفیْئِکَ مَرْتعٌ و خَمائِلٌ
و مَرَابعٌ…. یا روْعةَ الأکْوانِ

أنتَ المَلاذُ و أنْتَ نبْعُ صَبابَتِي
و هُوِیَّتي.. و المُنْتهَی عُنْوانِي

یارَبُّ.. هَذي أرْضُنا ثَمْلی بِکأْ
سِ الرُّعْبِ و الإرْهابِ و العِصْیانِ

مَاهَتْ سُمومُ الدّاء و اؔنْتَحَرَ الصَّفا
و غَدَا المَدَی نَهْرًا مِنَ الأَشْجَانِ

فَاؔسْبِلْ جَناحَکَ فَوْقَ قَوْمٍ عُزَّلٍ
قَد طَوَّقَتهُم لَوْثةُ الغِرْبانِ

قَد أُجْهِضَتْ أوْطَانُهم بیَدِ الأذَی
و تَمَنْطَقُوا بالذُّلِّ و الخُذْلانِ

أَسْرِجْ قنادِیلَ الهُدَی یا خَالِقي
عَلَ القُلوبَ تُضِيء بالتِّحْنانِ

و افْتَحْ مَغالیقَ التُّقَی عَلَّ المَدَی
یَهْمِي عَلی الاؔفاقِ بالإحْسَانِ

هَذِي حُروفي رُمْتُها أهْزُوجَتي
نجْوی ابْتِهالي لِلَّذي سَوَّاني

قدْ صُغْتُها مِنْ خافقي بأنامِلي
قدَّمتُها منْ مُهْجَتي قُرْبانِي

یجْتاحُني أملٌ بکوْنٍ من صفَا
العدْلُ شَرْعِي و السَّلامُ رِهَانِي

فلَعلَّ هذا الشهْرَ یُزْهرُ في دمِي
أملا یفیضُ علی رُبَی الطُغْیانِ

فأراکِ یاوطني المُعتَّمَ نجْمةً
تزْهو بآلاءِ السَّنَی و أرانِي

فِي فَيْءِ شِعْري غیْمةً مِغْداقةً
تهْمي بشَهْدٍ مِن جَنی الألْحانِ

و أرَی الوجودَ حمامةً رفْرافةً
تشدُو السَّلامَ وَصَحْوةَ الإنْسانِ

ذة. سعيدة باش طبجي / تونس



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *