دروس الأخلاق وكلام الشعراء…. / بقلم: ذ. المصطفى المحبوب / المغرب


لا أفهم
المطر كثير في مدينتي لكنني لا أشعر بالفرح..
كل مساء يخطر ببالي أن أحمل كمية كبيرة
من المطر لتشاركني ترتيب مروري إلى الضفة الأخرى
لتحدثني عن شكل الطريق من السماء إلى الأرض،
لتحكي لي كل تفاصيل الرحلة:
هل هناك مشردون..
هل هناك لصوص..
هل هناك شعراء شهرة..
هل هناك شرطة مرور..
هل هناك فقراء يشحذون قطع الخبز
هل هناك حانات تبيع السجائر بالتقسيط..
في الصباح تستعطفني قطع المطر هاته كي أعيدها
إلى مكانها أو أهديها لشجرة..
سأخبركم عن شيء
أخلاقي سيئة علما بأنني أحب الشعر،
ليل نهار أُعلم نفسي الأدب
أُذكرها بدروس الأخلاق و بكلام الشعراء:
“المساء جميل..
العصافير تغادرنا..
أترك غيمتي..
أخاف من ظلام الصباح..
أنا طاحونة اليأس”……….
أذكرها بأغلفتي المؤقتة والرخيصة
أتخلى عن كل شيء وأذهب باحثا
عن قنينة خمرة لم تتعلم الكذب والخيال..
الكل يعلم أني غيرت محل إقامتي
دون أن أترك شيئا يدل علي..
الكل يعلم أني انصرفت بطريقة باردة
دون إشهار أو إعلان مسبق أو صورة ضمن أخبار المساء..
عادة ما أحدث فوضى أو أخلف ورائي سللا من
الأكاذيب وبقايا بسيطة تدل فقط على راتبي الهزيل..
الأمر لا يستحق كل هذه الفوضى
أنا أدرك أن الحياة تستمر من دوني
الناس يقومون بأشغالهم اليومية
شراء الخضروات..
تنظيف المراحيض..
النوم إلى جانب زوجاتهم..
لماذا أعتقد أني سأرغمهم على الجلوس إلى طاولتي
لماذا أعتقد أنهم شعراء بحق أو العكس
لماذا أتصور أني سأكون مفيدا…
في كل الأحوال سأعقد صفقة مع الليل
سواء ارتديت ملابسي أو اكتفيت بسروالي الوحيد الذي تبقى لي هذا الموسم،
سروالي الذي ذكرني بتفاهاتي،
ذكرني بما رأيته في منامي ليلة البارحة:
رائحة الخبز الذي خبأته في جيبي
وأنا أتظاهر بأني ذاهب إلى المدرسة..
مرة طلبت من أمي أن تخيط سروالي بسرعة
حتى أتمكن من الوصول إلى المدرسة في الوقت المحدد..
في كل الأحوال لن أعقد صفقة مع الماضي
سأعلمه كيف يركض إلى جانب الشيخوخة..

ذ. المصطفى المحبوب / المغرب



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *