أعفيك مني.. / بقلم: ذة. سعيدة باش طبجي / تونس


1

أُعفِيكَ مِن عَذابِي..
و شَوْقِيَ المَحمُومِ واؔغْتِرَابي
أُعفِيكَ مِن مَدَامِعِي وَ حُرْقَتِي
و كُلِّ مَا فِي خَافِقِي المُلْتاعِ مِنْ عِتَابِ
أُعفِيكَ مِنْ تغْرِيبَتي فِي مُدُنِ اليَبابِ
أُعفِیکَ مِنْ سَذاجَتي…
تُصَدِّقُ الوُعُودَ مِن تَکْشِیرةِ الذّٸابِ
وَ مِن قَذًی فِي نَاظرِي يَظُنُّ
فَيْضَ النُّورِ و الأنْداءِ فِي تَرْکیبَةِ السَّرَابِ
أعِیذُ نَاظرَیْکَ مِن عَتْمي ومِن ضَبابِي
مِن شَجَرِ الأحزَانِ عَرَّشَتْ ظِلَالُهُ الغَبْراءُ
فِي جِدَارِي
وسَکَنتْ أغصَانُهُ العَجْفَاءُ عِندَ بَابِي
وافتَرَشَتْ أورَاقُهُ
وِسَادَةَ السَّقَامِ فِي أعتَابِي.
أعِیذُ ذَوْقَکَ الرَّقِیقَ مِن قَصَاٸدِي
مِدَادُها قِنِّینَةُ العَذَابِ
مَسْنُونةٌ أقلَامُها.. تُمَزِّقُ السُّطُورَ کالحَرَابِ
مَشْحُونَةٌ حُرُوفُهَا…
بالرّعدِ والإعصَارِ و اللَّظَى
و خُلَّبِ البُرُوقِ والسَّحَابِ
أعِیذُ عَقلَکَ المَوزُونَ مِن جُنُونِي
مِن هَلْوَسَاتِ ضَجَرِي…
مِن قَلقِي المَعجُونِ بالعَجْزِ و بالرِّهَابِ
مِن نَبْضَةٍ مَثْلُومَةٍ
قُرُوحُها سَالتْ بِقَيْحٍ نَازِفٍ
يَنِزُّ بالصَّدِیدِ
مِثلَ بَحَّةِ النَّشِیجِ فِي حُنْجُرَةِ المِزْرابِ
أَحمِیکَ مِنْ خَیالِي…
یَخُوضُ بَحرَ السِّندِبَادِ طَامِيَ العُبَابِ
یَجُوسُ في جَزاٸرٍ ناتِٸَة صُخُورُها
جَارِحَة طیُورُها
إذا أنا وَطِٸتُها
تَکَسّرَتْ مَسَارِجُ الجَمَالِ في قِبابِي
و اؔنتَحَرَ المَجَازُ عِندَ بابِي
و سَکَنَ الإمْلَاقُ و الإمْحَالُ
خافِقِي و نَبْضَتي
و رَفّةَ النّسِیمِ في ثِیَابي
و نَفْحَةَ الأَشذَاءِ و الأنْداءِ في رُضَابِي
أعفِیکَ مِنِّي…. مِن دَمِي المَحمُومِ… مِن أوْصَابي
من عَالَمي تَحکُمُهُ عِصابَة الأوهَامِ و الأزلاَمِ
والهَواجِسِ الهَوْجاءِ
والمَظالمِ الرَّعناءِ
و الخَرَابِ
لا تَقتَرِبْ….
فغُرفَتِي
وَ وَطنِي
و مُهجَتِي
و نَبْضَتِي
وأحرُفِي
مَوعُودَةٌ للرِّیحِ و الکِلَابِ

2

أُعفِيكَ مِنِّي؟؟؟
ياتُرَى إذَا أنا أعفَیتُ
هل یُعفِیکَ
مَوْسِمُ الأشْوَاقِ والوِِصَالِ و الهَوَى
و ذِکرَیَاتُ غابة اللَّبْلَابِ؟
هَل صَدَّقَت صَبَابتِي ولَهْفَتي
و بُهْرةُ الأُفقِ الرّحِیبِ و المَدَی
و لازَوَردُ شَوْقِنا
ما جَاءَ في خِطَابي؟
بأنَّنِي فِي لَحْظةٍ حَمْقاءَ قَد طَلَّقتُها؟…
و أنَّنِي أعلَنْتُ فِي سِفْرِ القَریضِ و الهَوَى
نِهايَةَ الأشْعَارِ
والغَرامِ
والشَّبَابِ؟

3

إذَا أتَت قَصَاٸدِي إلَیْکَ
تَحمِلُ الأوْجَاعَ في الجِرَابِ
لا تَقرَأْ الحُرُوفَ و اؔحْسُ نَبضَها
و ابحَثْ عنْ المنضُودِ في سِلالها
و اؔنشَقْ شَذَا سُلافِهَا
واؔرشُفْ لَمَی بَیَانِهَا
وضُمَّهَا…
بِضَمَّةٍ من عِشْقكَ المَمْهُورِ بالحَنينِ و الطِّلَابِ
وَضَمّةٍ مِنْ مُقلَةِ الأشْوَاقِ
تُرجِعُ الضّيَاءَ للغَریبِ
في زَنزَانةِ الغِیَابِ
و ضَمَّةٍ ثَالثَةٍ مِن كَفّكَ المَطليِّ بالنَّدَى
و الشَّهدِ و العِنَّابِ
فَأحرُفِي مُشتَاقَةٌ لدِفءِ راحَتَیکَ
یَزرَعُ الجَمالَ في سُطُورِي
فَتَنتَشي سَنابِلُ البَدِیعِ
فِي بَيَادَرِ الرّبيعِ۔
و يُزهِرُ المَجَازُ فِي خَماٸِلِ الرَّوابِي
و مُقْلتِي ظَمْاؔنةٌ لرَفّةِ الهُيامِ
مِن عَيْنَيكَ تَسْكُبانِ الخَمرَ في قِنينَةِ المِدَادِ
و ارْتِجَافةِ اليَراعِ و الكِتَابِ
فتَسْكَرُ الحُروفُ مِن سُلافِها
و تَعزِفُ الأوتارُ في سَماءِ لَازَوَردِهَا
أهزُوجَةَ الإيَابِ..
إذَا أتَتْ قَصَائِدِي إلَيكَ… لاتُصَدِّقِ البَوْحَ الّذِي
يُعفيكَ مِنْ عِتَابِي…
كَاذِبَةٌ قَصَائِدِي
وأعذَبُ الأشعَارِ مَا ارتَدَی في صِدْقِهِ
غِلَالةَ الكِذَابِ.

4

أنا هُنا اليَوْمَ أَشِي بأحرُفِي
فَلَا تُصَدِّقْ بَوْحَها
كاذِبَةٌ و الثَّلجُ فِي صَقِيعِها
عَلامَةُ اِلْتِهَابِي…
و مُنْتَهَى صَبابَتِي
و قِمَّةُ اِسْتِلَابِي
بِذَوْقِكَ الجَنِيِّ
مِثْلَ الشّهْدِ في أوْرِدَةِ الدَّوَالِي
و نَبْضِكَ الرَّيَّانِ
مِثلَ الخِصْبِ في أنْسِجَةِ السَحَابِ.

ذة. سعيدة باش طبجي / تونس



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *