تسأله كل صباح، لماذا لا تحسن كتابة النص؟ يداعب قلمه بين أصابعه، ويبحث في الورقة البيضاء عن النص المفقود، ثم يرفع بصره ويهمس لها إنه الاستعصاء. كانت تدرك جيداً أن حياتها التي تعيشها بين دفات الكتب تبدأ بالاستعصاء وتنتهي بقراءة مستعصية للنص الذي تسكنه
هو نفسه ذلك الكاتب العاشق للقهوة السوداء وطائر النورس الحزين، يعيد كتابتها داخل نصوصه الغريبة أحياناً والمستعصية في أحايين كثيرة… وهو يدخن سيجارته الرخيصة ويلعن حروفه الهجينة. تبحث عن طوق نجاة من حياة الكاتب الغريب… محاولة الهروب إلى الأمام تفاجئها صيحات الاستهحان، فتعود إلى بياض الورقة خائفة من استعصاء عملية الفرار… يحزن الكاتب حزناً شديداً فيدخل في انهيار عصبي بعد سماع خبر تمرد حروفه وإعلان ثورتها البيضاء ليعيش متاهة الاستعصاء والبياض، يتذكر معها قبة الضريح البيضاء، لحية الفقيه البيضاء وجلباب جده الأبيض… يدرك جيداُ بعدها أن حليب البقرة كان أبيضاً هو الآخر… هل مات العجل الصغير؟ وهو يسأل أمه الواقفة في عتبة المنزل. ترد عليه وهي تحملق في السماء: ذهب إلى ربه، يرفع بصره فتفاجئه سحب بيضاء… هل نحن ضحية استعصاء وجودي يطرح السؤال على طبيبه المعالج… ثم ينتقل الاستعصاء إلى كاتب هذا النص نفسه… هو الآخر أدرك متأخراً أن العالم ضحية إستعصا