هاجِس / بقلم: ذ. عباس رحيمة / العراق


الْتَقَط وجعك أَيُّهَا الْجَسَد المثخن بِالطَّعْن،
وَارْفَع يَدَيْك للراحلين مستسلما
إنَّه الْوَدَاع الْأَخِير..
لَا تَرْمِ الْبِئْر بِحِجَارَة النَّجَاة
لَمْ يَسْمَعْ..
من قرقعت تحْتَ قَدَمَيْهِ حَصَى الطَّرِيق
وَمَن لَسَعَت قَلْبه جَمْر الْهَزِيمَة
لَسْت بمنهزم مَنْ طَعَنَ الْوَجَع
بِسَكِينَة الْمَوْت. وَنَام الْجُرْح هانئا
لَا تَقُلْ عَنْه: أَنَّه الْخَاسِر
بَل فَاز بِالطُّمَأْنِينَة
وَتَرَكَ بَابَ الْقَفَصِ لِرُوح تَحلق عَالِيًا
وَأَغْلَق الْعَيْن بِالرَمَاد..
الْمُتَطَايِرِ مِنْ تَحْتِ أَقْدَامِهِمْ
مَرُّوا عَلَيْهِ فَنَسُوا أَنْ يلقَوْا تَحِيَّة الْوَدَاع
أَوْ أَنَّ يَدعُوا لَهُ بِالشِّفَاءِ
لَم يَمُدُّوا لَهُ يَدًا
وَلَم يضمدوا الْجَرَّاح
تَرَكُوا سِكِّينًا حَادَّة،
وَهُم يَقْطَعُون لَحْمُ الشَّاةِ
وَيُعِدُّون زُوّادَة الرَّحِيل
تَرَكُوهَا رُبَّمَا عَمْدًا لِتَقْطَع عُنُق الْوَقْت
يَقْرُب حَبْل الْأَجَل
ضَمَّد الْجُرْح بِطَعْنَة شاطِر
فِي قَلْبِ الْمُوجِع، اغف هانئا
لاتقل عَنْه انْهَزَم
فَقَدْ حَارَبَ كَثِيرًا
فَاز بحروب لَا تُحْصَى
لَكِنْ لَمْ يَصْمُد مِنْ طَعْنَةٍ صَدِيق
كَان يَظُنُّه نَصِيرًا فِي الشَّدَائِد
فَرَش لَه بِسَاط الْوُدّ
وغطاه بكفوف الدِّفْء وَقَال: نَم ياصديق
ساحرسك. نَم هانئا..

ذ. عباس رحيمة / العراق



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *