السَّلةُ عناقٌ والنَّسماتُ قُبلٌ (سرد تعبيري) / بقلم: ذة. سامية خليفة / لبنان


ما البلاغةُ إن لم تكنْ في حديثِ عينينِ لعينينِ والنظرات ولهى حتى لتخالها كما الحروفُ المتسمِّرة في معلَّقةٍ غير قابلةٍ لمحوٍ أو تغييرٍ. في النّظراتِ تتهادى ألغازٌ تجريديّةٌ بسحناتها الورديَّةِ تمتدُّ أمام البصرِ لتدغدغَ عمقَ البصيرةِ في أطيافٍ تفوق في مجازاتها أبلغَ القصائدِ. تسري إيحاءاتٌ تدمغُ شَّكَّ الصورةِ بيقينِ الرؤيا. ها العالمُ الغريبُ ينتفضُ من صراعاتِ فضاءاتِه الملوَّثةِ، نختارُ كيفَ نستأصلُ منها مسرطناتٍ أُنهكَ فيها عودُ الرَّجاءِ النَّحيل، مسرطناتٌ عثرت عليها نظراتٌ ثاقبة نبشتْ في جثثها لتعثرَ على فيوضات من إشعاعاتٍ فوسفوريَّةٍ كبَّدتِ البشريّةَ خسائرَ جمَّةً بعدَ عصفِ اجتياحٍ بربريِّ السِّماتِ!


عالمٌ غرائبيٍّ تسودُهُ ألغازٌ مبطَّنةٌ لا يراها البصرُ في نظراتٍ عاديّةٍ وإنّما تستدركُها قوى البصيرةِ، الألغازُ تلك يشوبُها لونٌ بلا هوية يتعشَّقُ في شفافيَّةٍ القلوبَ النَّقيةَ، ما زالَ لغزُ زهرةٍ لا فصيلةَ تنتمي إليها أشمُّ ضوعَها وأنا في حجرةِ الذات المنغلقةِ تنقلُه إليَّ فراشاتٌ راعشةٌ تحلمُ بالضوءِ الحارقِ. أما آنَ لتينِكَ العينينِ المسبلتين من استراحةٍ أم أنّهما ستبقيانِ رهينتين لمبضعِ الألغازِ الغرائبيَّةِ، أنتما عينان خاشعتان أبدًا ترصدانِ في فلكِ الليلِ تقطفانِ الرؤى في نظراتٍ، والنظرةُ تلوها الأخرى، السَّلةُ عناقٌ والنَّسماتُ قُبلٌ.

ذة. سامية خليفة / لبنان



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *