عازفة / بقلم: ذة. سعيدة محمد صالح / تونس


حتّى أنّي لا أكتب ،،، إلاّ إذا هفهف النّسيم بوجهك ،، ساعة الاخبار العامّة فأطالع نبأ وجوه الكادحين السّمراء وشقوق أيادي بيضاء تمتدّ على موائد التّاريخ تسكب أفخر أنواع الشّراب في أكواب من كريستال مذهبّ لربطات عنق تفتّ بعد الثّمالة وتمضى ورقة تحمل تعاسة الغافلين ، وأسمع نغم صوتك يشقّ موسيقاي ،، أو ربّما أغنية لعاشقين تركا لي رشفة الفنجان الأخير على طاولة تتأرجح على سفح مقهى الجبل ،،،، وأغيب عن المكان رحلة طويلة تعبرني في سطوة حضوركالبدويّة المتغلغلة في برود رمال الصحراء والملتحفة بملح البحر كمن يسرد وقائع نار تأكل ميزان كفتاه صنعتا من الظلم والقهر ،،، وهو كمغناطيس يجذبك بلطف عنيف نحوي لنعيد الرؤية بوضوح في شوارع أماميّة استعادها الغضب والرّفض وشغل هدوءها صراخ العناد والتمرّد ،،، عندها أغمسك في خوابي الماء
قلما شفافا وندوّن سويّا رحلة أسئلة عن القوّة التّي تتهاوى وعن الميزان المخلخل وهو ينحل بدقّة مطرقة عدالة الثّورة المزعزعة
— فأراك مرٱة واقعنا التّي يتزيّن أمامها وجه المعدم وسكان الأحياء الفقيرة والمهمشّين بملامح الغلبة والصّمود وهم بصدد حياكة ثوب أحر للتّاريخ
و أكشف عن وجهي السّاحر الملفوف بقناع التخّفي بين بتلات نشوة النّصر على كل زيف ،،، وأسرد كلّ تفاصيل حماقاتي ،ومغامراتي ،وحتى جنوناتي ، هذياناتي،،وانا اصرخ في شوارع تعجّ بالغضب النّبيل ،وأقرأك كعازفة قصب النّاي،،،، وأسمعك كشجرة الرّيح ،،،،، لتعرف فقط أنّي لا أطفو إلاّ قليلا على سطح بحيرة أحاديثك ،،،،، أخشى أن تكشف عشقي النّاعم لهذا الحرف البديع واسمه الخفيف – لأ –
وعاشقة لمسافات الرّحيل ، بين فلول حرفك الرّصاص المدجّج لمرابط النّبض ،،، وهو يعتلي صهوة خيل جامحة ليعزف لحن أشعارك العادلة الخلود ،،،

ذة. سعيدة محمد صالح / تونس



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *