سرد تعبيري: ارحلوا عن بلاد الشمس.. / بقلم: ذة. سامية خليفة / لبنان


أنتظرُ موتَ المدادِ لأشعلَ الصُّراخَ، لعلّ بعدَ موتِ القصائدِ تتنفَّسُ الجدرانُ المحبوسةُ داخلَ الحناجرِ المتلفة أوتارها. هناك بين خباياها ما يفوقُ الأبجديَّةَ المكتوبةَ، ما يعلو على آلام الجراحِ، هناك غصّاتُ السّنين المتراكمةُ المحتقنةُ القابعةُ في دهاليزِ الأوداجِ، تنادي أفواهَها بأصواتٍ خافتةٍ غير مسموعةٍ، لكنْ عبثًا كم تحتاجُ إلى عمليات إنقاذ! هي تعشّشُ في العمقِ كما البئرُ كلَّما امتدَّ الصوتُ من أسفلِهِ صعودًا، كلَّما خفتَ وتضاءلَ. يا صرخةَ بيكاسو هلمّي كوني المنقذةَ تحوّلي من لوحةٍ جافّةِ التَّكوينِ إلى صرخةٍ حيّةٍ تخترقُ آذانَ من أصمّوا السَّمعَ قسرًا، وأنتَ أيُّها المنزوي في قوقعةِ صمتِ الخوفِ والتَّردُّدِ هيّا قل لحبيبتِكَ الراقد حبّها في غيبوبةٍ أحبُّكِ أطلقها في صرخةٍ مدويّة فعيد الحبِّ لا ينتظر منكَ رسالةَ عشقٍ مذيّلة بالقبلات ترميها في ديوانِ شعرٍ أو تهديها للأثير، أخالُ أن الحبَّ حاولَ الانتحارَ حين نصبوا له عيدا كمناسبةٍ مؤرَّخةٍ وهو العيدُ في كل آنٍ وحينٍ، وأنت أيُّها الثائرُ، هناك ما هو أعظم من ثوراتك الأشبه بالنَّومِ المتقطّع، لتكنِ الثورةُ معلنةً دائمًا، قلْ بصرخةٍ ثابتةِ الخطوةِ للمتزلفين المتملقين ارحلوا عن بلادي عن بلادِ الشّمس التي فضحتكم بنورها أنتم الآن عراة أمامنا، أغرقتم سماء الحب بظلامِ غيومكُم الدّاكنةِ … ارحلوا.

ذة. سامية خليفة / لبنان



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *