قراءة في بعض قصص الأديب العراقي “جبار العبد الله” / بقلم: ذ. عباس رحيمة / العراق


قاص يعيش بالظل
من خلال قراءتي المتواصلة لما ينشره في الفيس بوك، أجده كمن يمسك معولاً ويحرث باللغة ليشق لنا نهرا من الحكايات اليومية من خلال ما يدور من أحداث يومية في الشارع عن معاناة الجنوبين الذين هاجروا من مدنهم وسكنوا مدناً كبيرة، وصراع العيش والركض خلف حافلات لتنقلهم الى مكان عملهم، يعطر الحرف بالعرق الساقط من جباه العاملين، وعن الصبي المكافح الذي حرمه شغف العيش من التعليم، كل ما يصبه في نهر رافد بالحكايات عن طبقة الكادحين المحرومة من أبسط حقوق العيش..
إنه يختصر لكن يجيز. قصة قصيرة جداً لا تأخذ من وقت القارئ إلا دقائق معدودة، ربما دقيقتين، لكنها ترسم بمخيلة القارئ جدلاً عميقاً وبحثاً دؤوباً عن كيفية معالجة.
الأمور والارتقاء بالعيش الأفضل والكريم..
يطرح السؤال للقارئ ويجد الحل من خلال المتابعة.

قاص في الظل
دأب أن ينحت بصخرة الكلمة ليوصل لك حكايات يومية من معاناة مجتمع يمر بمراحل الصراع السياسي وانحلال البنية الاجتماعية. بعد سقوط الطاغية. استقر الأمر ليقود زمام بلد زمرة من الصبيان الذين لا يفقهون بالسياسة. وكيف يديرون رحى البلد للنهوض بمجتمع يضاهي المجتمعات المتحضرة، بل الكل أخذ منحدرات.. نحو الأسوء من التعليم الى الزراعة. بحيث أن الذي يعيش من عرقه اليوم، لايستطيع أن يرسل أطفاله الى المدرسة، لكثرة المدارس الخاصة و إهمال المدارس الحكومية. وكذاك بالنسبة للمستشفيات.
إذا كان لدى الكاتب قدرة على هدم وتركيب لغة بحذق بناء ماهر لتشييد نص متكامل يعالج تركيبة اجتماعية معقدة من تناقضات اجتماعية، ما علينا إلا أن نبحر في أعماق نصوصه لعلنا نصطاد أفكاره لمعالجة المشكلة. لم لا وهو يناقش ويحلل المشكلة ويبنيها بشكل سليم، بعدة سطور لا تأخذ من وقت القارئ الا قليلا.
فلنتأمل:

المخادع
تلا صلواته بتمعن ودعا بدعاء تقشعر له الأبدان سكب دموعا “كثيرة خوفا من الرحمن. وأثناء ذلك طرق الباب طارق امتعض لمقاطعته ذهب مسرعا “صوب الباب كانت امرأة مسكينة تحمل طفلا نحيلا” جائعا، مدت يدها للاستجداء. وبخها ألاتستحيين من الرحمن؟ ألم تسمعيني وأنا أقرأ القرآن؟ لم تقاطعينني و أغلق بوجهها الباب. عاد وأمسك كتاب الله.

هنا إشارة له إنه لا وسيلة للفقير إلا دعاء بعد أن أغلق أبواب الرحمة بالأرض. إنه يلتقط نصوصا من سيره في طرقات المدينة من افتراش الرصيف لعله يجد ضالته ويكتب عنها. يعطي للقارئ مائدة شهية على طبق من فضة.
لكثرة مشاغلنا في الحياة والارهاق اليومي بالعمل والركض خلف رغيف الخبز لم يعد لدينا وقت لنسمع الآخر. غدت أرواحنا تتباعد. لم نعد نسمع، نعطي فرصا لتبرير أخطائنا. بل غدا بيننا حاجز صراخ وزعيق.

لك طبق آخر..
جاءت مسرعة أرادت أن تعبر أوقفتها عجلة مسرعة وصبت عليها اللعنات. عينها عليه مازال يحتسي ماتبقى من فنجانه. عبرت الشارع وصلته عاتبها لم التأخير. لم تبال.. شجار عنيف بينهما حاولت أن تبرر له سبب تأخيرها. لم يسمع منها شيئا. كان صوته أعلى من صوتها انتبه من حوله. رمت نفسها على الكرسي القريب منها وضعت رأسها بين يديها وأجهشت بالبكاء. مسح وجهه بيده. تركها دون وداع واختفى
وقف الكهل بعصاه المترهلة وتجاعيد وجهه التي خط عليها تعب سنين مضت. بيده الأخرى مجموعة من الأوراق الثبوتية تكلم بصوت مبحوح أين الطريق لدائرة الجوازات أروم الحصول على جواز للبحث عن ابنتي التي هاجرت مع أطفالها. سافر زوجها لإيجاد لقمة عيش وجزء من كرامة في دولة أخرى
سؤال موجه بشكل مباشر والحل هو فرص عمل.

ولك مائدة أخرى “المحكمة”:
وقف أمام المرآة طويلا تأمل نفسه ثم تفوه…. رد على نفسه لكني أحبها. عن أي حب تتحدث؟ قضيت معها سنتين وعدتها بمختلف الوعود ثم وليت عنها هاربًا مثل هر في شهر آذار. الآن تجلد نفسك بعد أن سببت لها علة لن تشفى منها حتى قضت نحبها. تناول مطرقة جنبه وانهال عليها فهشم حتى إطاراتها الخارجية . تنفس بعمق كمن أزاح هما. لبس قفازه وغطاء رأسه ومشى في المطر….. وعود وعدم الوفاء في زمن شحت به الطيبة والصدق ونحلت به قيم الجمال بالفطرة من الوفاء بعهده،..

سيكون بخير لو صب في مجراه الحقيقي وأعطوه فرصة، وتمعنوا بما يكتب.
إنه جبار العبدالله
قاص عراقي

ذ. عباس رحيمة / العراق



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *