وفي بعض الغياب، حضور… / بقلم: ذ. مجد الدين سعودي / المغرب


استهلال
كان الغياب.
طال الغياب.
وكان العتاب..
لكن في عز الغياب، يحتفظ القلب بالبهاء، فيبقى الحب النوراني بهيا وشهيا ونقيا، كما قال اللورد بايرون: (الغياب هو العلاج الشائع للحب.)
انها لعنة الكتابة التي يقول عنها شيخ الضو والمستقبل ادريس أمغار مسناوي:
(يوم نقاضي م لكتابه
غ نزغرت ونقول لقيت راحتي
لكن لكتابه باينه علي مكتابه
تاتخوي ساحتها وتعمر ساحتي
نكتب نكتب
ما دامت لحروف من عروقي تشرب
نكتب نكتب
ما دامت الورقه قطعه من القلب) ص 96 و97 من ديوان (قوس النص)

1- عتاب
في الغياب عتاب.
ينفطر القلب أسى، ولهذا نداوي جراحنا بالمثل فرنسي: (الغائبون هم دائما على خطأ.)
نعتزل.
نسكن بعدنا في بعدنا.
نعيش مع الكائنات الضوئية.
نفتش عن مستقبل الاشراق.
نهتف مع محمود درويش: (لا شيء يوجعني في الغياب سوى عزلة الكون.)
نتكفن ببياض البعد ونردد بأسى مع الطاهر بنجلون: (أبيض هو الغياب كموت بعيد.)

2- حلم
في عزلة روحية، حضر الحلم.
في خلوة بهية.
كان البلسم هو محمود درويش، وهو يقول: (تعالي نخون الغياب ونلتقي.)
وفي عز الحلم هتفت مع أمل دنقل: (أودّ لو أنفذ في مسامّ جلدها، لكن يظلّ بيننا الزجاج والغياب والغربة.)
انه العشق النوراني الذي لا مثيل له.
يقول ادريس أمغار مسناوي:
(لهوى عسل على سفايف العشاق دايب
وريدة واثقة على سقف الضو
ريح بها لاعب
قصيدة حالمة
القلب فيها راغب) ص 49 من ديوان (مجاج الريح)

3- بهاء الغياب
وللغياب أبواب.
وكل باب يؤدي الى الملكوت.
يقول المثل الفرنسي: (الغياب ينقص المساوئ ويزيد المحاسن، كما تخمد الريح الشمعة وتزيد اشتعال النار.)
وفي الغياب حضور بهي.
ذات تأمل هتف واسيني الأعرج: (كلما طال الغياب.. كان اللقاء أروع وأجمل!)
في الغياب حضور.
ألم يقل لنا سركون بولص: (والغياب لا يدّعي الصور، والصورة وحدها ستربط بين القلب والقلب.)
يقول إدريس أمغار مسناوي في ديوان (تراب لمعاني):
(زَدْتْ للْحْياةْ حُبْ
وللْحُبْ حْياةْ
سخرتْ قولي للتغييرْ
سَخّرْتْ فَعْلِي لَلْخِيرْ
زَدْتْ لَلْحْيَاةْ مَا بْقَى في حْياتي مَنْ حْياةْ)

4- مكاشفات الغياب
في الغياب مكاشفات.
تتراءى لك الصور البهية.
تعود الى الوراء لتقبض على أحلامك البهية، وتقول بلسان أحلام مستغانمي: (أنت لا يمكن أن تدرك مدى حبك لشخص إن لم تتمثل محنة الغياب.)
لا أدري وأنا في حضرة الغياب، تذكرت ما قاله ويليام شيكسبير: (من نحبهم بشدة.. يختارهم الغياب بدقة.)
ولهذا في الغياب، نعيش حضور الغائب بعشق لا مثيل له، ولهذا هتف الياس خوري: (لا يكشف الانسان اسمه الا لحظة الغياب.)
في حضرة الغياب، يكبر الحضور ويبكي القلب، ولهذا قال توماس هاينز بايلي: (الغياب يزيد القلب لوعة.)

يقول ادريس أمغار مسناوي:
(فاضت الكبده
بان المستور
اشعلت سراجي بفمي
شربني النور
فوق سحابتي نبني خلوتي،
هكذا كلمتني الأرض.
فوق السما الثانيه نتشعل منارة،
هكذا لمحت لي السحابه.
شدني الحال.
شفت سلامة خيركم ونا ف جذبة العاشق
نار طايحه من راسي
لها نور
ب لبها كساني وكسا ناسي
مسخت الأرض. دخلت ف الشعا.
دزت مني لي… لكم… للجاي
بنفس منتصره وقلب واثق مني.
كنتوا بحر اشواقي،
منه سقيت خمرتي العاتقه.
كنتوا كبدتي
شفت فيها شمس وجهي الشارقه.) ص 13 و14 من ديوان (حتى يكبر حظي)

خاتمة
في الغياب نموت ألف مرة، ولهذا نحيا بالرجوع لأن الغياب كما يقول وليام كاوبر: (الغياب عن الذين نحبهم أسوأ من الموت.)
ومع هذا أردد مع شيخ الزجالين ادريس مسناوي:
(يوم نعجنوا خطواتنا بضو النهار
ونزوجوا كلمة أنا ب احنا ف شون الطين المعشوق
غتولي أرضنا جنه حقيقيه على شفايف كل شروق) ص 19 من ديوان (الواو).
وكل غياب وأنتم بألف بهاء وصفاء ونقاء.

ذ. مجد الدين سعودي / المغرب



اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *